ودعوى عدم جواز العمل بعموم نفي الضرر والحرج ما لم ينجبر بعمل الأصحاب ، غير مسموعة ، خصوصا في باب الوضوء الذي عملوا به في جلّ موارده.
نعم ، قد يخطر بالبال عدم صدق الضرر عرفا على ما لو اشترى شيئا بأزيد من ثمنه المعتاد مع علمه بمقدار ماليّته لدى الحاجة إليه ، كما لو احتاج إلى الماء لشربه في مكان لا يباع إلّا بثمن خطير ، فالوضوء بعد أن أوجبه الشارع مقدّمة للصلاة الواجبة يصير كسائر المقاصد العقلائيّة التي لا يعدّ صرف المال في مقدّماتها المتعارفة ضررا.
نعم ، لو توقّف على ضياع مال أو تلفه أو أخذ شيء منه قهرا أو غير ذلك ممّا هو خارج من كونه مقدّمة عرفيّة ، فهو ضرر منفيّ بالقاعدة ، لكنّه لا يخلو عن تأمّل بل منع ، والعمدة ما عرفت.
وغاية ما يمكن استفادته من النصوص والفتاوى إنّما هو وجوب شرائه ما لم يكن مضرّا بحاله ، كما أشار إليه الإمام عليهالسلام بقوله : «بقدر جدته» فإنّ المتبادر منه إرادة استطاعته عرفا.
(وكذا القول في الآلة) التي يتوصّل بها إلى الماء ، فإنّه يجب شراؤها ولو بأزيد من ثمن مثلها ما لم يكن مضرّا بحاله ؛ لوضوح المناط ؛ فإنّه لا يرتاب أحد ممّن سمع بهذه الروايات في أنّه كما يجب شراء الماء الذي هو مقدّمة للوضوء ، كذلك يجب شراء الآلة التي يتوصّل بها إلى الماء.
ولا يقاس بذلك الخسارة المترتّبة على تحصيل الماء لأمور خارجة من مقدّماته المتعارفة ، كالأمثلة التي أومأنا إليها في العبارة المتقدّمة.