ودعوى أنّ إيجاب الشارع شراء الماء بمائة دينار ـ مثلا ـ يدلّ على عدم اعتنائه بالضرر المالي في رفع التكليف بالوضوء ، فلا يتفاوت الحال في ذلك بين أن يشتريه بذلك أو يتوقّف تحصيله على تلف هذا المقدار من المال بسائر الأسباب ، مدفوعة : بكونه قياسا مع وجود الفارق من وجوه لا تخفى على المتأمّل ، منها : ما أشرنا إليه من كون هذه الموارد من أظهر الموارد التي ينفيها دليل نفي الضرر والحرج ، بخلاف شراء الماء ونحوه ، الذي ربما يتأمّل في شمول القاعدتين له.
وكيف كان فلا يجوز التخطّي عن مورد النصّ في الحكم المخالف للقاعدة إلّا بالنسبة إلى الموارد التي علم كونها مع المورد من باب واحد ، كشراء الآلة مثلا ، دون سائر الموارد ، ولذا صرّح الأصحاب بعدم وجوب الوضوء في سائر موارد الضرر ، حتّى أنّ بعضهم صرّح بنفي الوجوب لو توقّف تحصيل الماء على أن يصيب ثوبه المطر ويتضرّر بذلك.
وهل شقّ الثوب النفيس لإخراج الماء من البئر ـ مثلا ـ من هذا القبيل ، أو من قبيل شراء الآلة فيجب؟ فيه تردّد ، والأظهر أنّه من القسم الأوّل ، فلا يجب ؛ لخروجه من المقدّمات المتعارفة.
ألا ترى أنّه ربما تسمح النفس ببذل المال عوضا عن الماء أو ما يتوقّف عليه تحصيله من المقدّمات المتعارفة لدى الحاجة إليه لشربه أو وضوئه وإن بلغ ما بلغ ، ولا تسمح بشقّ ثوبه ، بل لا يلتفت الذهن إلى كونه من المقدّمات ويراه تضييعا للمال ، ولا أقلّ من الشكّ المقتضي لعدم التسرية من مورد النصّ إليه.
ولو وهبه واهب وكان في قبولها منّة يشقّ على الطباع تحمّلها ، لم يجب ،