كما صرّح به غير واحد ، وإلّا يجب ، بل ربما يجب الاستيهاب عند ابتذال الماء واستغناء المالك عنه ، كما أنّه يجب تحصيله بسائر أنحاء الاكتساب ما لم يترتّب عليه ضرر أو مشقّة رافعة للتكليف ، وهذا ممّا يختلف بحسب الموارد والأشخاص ، كما لا يخفى.
(الثالث : الخوف) من استعمال الماء أو تحصيله على نفس أو عرض أو مال في الجملة بلا إشكال بل ولا خلاف في شيء منها ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليها ، إلّا أنّهم لم ينصّوا ـ فيما عثرنا عليه من معاقد إجماعاتهم المحكيّة ، ككثير من الأصحاب في فتاويهم ـ على الخوف على العرض ، لكنّ المقطوع به عدم مخالفتهم فيه في الجملة ، بل لعلّه يظهر من بعض عبائرهم إرادة ما يعمّه ، فإنّ تحمّل هتك العرض ربما يكون أشقّ من تلف المال ، بل ربما يهون دونه بذل النفوس.
وكيف كان فيدلّ على المدّعى ـ مضافا إلى الإجماع ـ أنّ إيجاب الطهارة المائيّة في مواقع الخوف حرج منفيّ في الشريعة.
ويدلّ عليه أيضا ـ في الجملة ـ جملة من الأخبار.
منها : رواية داود الرقّي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال : إنّ الماء قريب منّا ، فأطلب الماء ـ وأنا في وقت ـ يمينا وشمالا ، قال : «لا تطلب الماء ولكن تيمّم فإنّي أخاف عليك التخلّف عن أصحابك فتضلّ ويأكلك السبع» (١).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٤ / ٦ ، التهذيب ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦ / ٥٣٦ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب التيمّم ، ح ١.