الصحيحتين على مثل الفرض وحملهما على الاستحباب ؛ إذ لا يعارضهما حينئذ إلّا عمومات نفي الحرج ، والصحاح المتقدّمة.
أمّا العمومات فستعرف أنّه لا يفهم منها إلّا الرخصة في التيمّم لا وجوبه عينا.
وأمّا الصحاح فهي أيضا كذلك ؛ فإنّها وإن اشتملت على النهي عن الغسل لكن لوروده في مقام توهّم الوجوب لا يدلّ إلّا على جواز الترك ، وعلى تقدير ظهوره في الحرمة فليس على وجه يطرح لأجله الصحيحتان ، فالأقوى في الفرض استحباب الغسل ، والأحوط تركه إلّا مع الأمن من ضرره ولو يسيرا ، والله العالم.
وقد اتّضح بما تقدّم أنّه لا شبهة في جواز التيمّم في كلّ مورد يكون التكليف بالطهارة المائيّة ـ غسلا كان أو وضوءا ـ حرجيّا من غير فرق بين أن يكون ذلك لبرودة الهواء (أو) غيرها من الأسباب الموجبة لذلك ولو بأن خشي الشين الذي يشقّ تحمّله.
لكنّ الإشكال فيما أطلقه المصنّف وغيره من أنّه لو خشي (الشين باستعماله الماء ، جاز له التيمّم) بل عن ظاهر غير واحد دعوى الإجماع عليه حيث لم نعرف له مستندا عدا عموم نفي الحرج الذي لا يقتضي جوازه إلّا على تقدير أن يشقّ تحمّله ، وكون مطلقه كذلك غير معلوم.
اللهمّ إلّا أن يستند في ذلك إلى إطلاقات معاقد الإجماعات المستفيضة الكاشفة عن كون الخوف من الشين في حدّ ذاته مناطا لجواز التيمّم.
لكنّ الوثوق بذلك مشكل ؛ فإنّ القدر المتيقّن من معقد الإجماع ما إذا خشي شيئا يشقّ تحمّله ، لا مطلقا ، فقد حكي عن موضع من المنتهى وعن جماعة من