المتأخّرين تقييده بالفاحش (١) ، وعن جماعة أخرى تقييده بما لا يتحمّل (٢) ، بل عن الكفاية أنّه نقل بعضهم الاتّفاق على أنّ الشين إذا لم يغيّر الخلقة ويشوّهها ، لم يجز التيمّم (٣).
وكيف كان فلا وثوق بانعقاد الإجماع على أزيد ممّا يفهم جوازه من أدلّة نفي الحرج ، فالأقوى الاقتصار على الشديد منه الذي يشقّ تحمّله عادة ، سواء كان الخوف من حصوله أو زيادته أو بطؤ برئه أو شدّة ألمه.
ثمّ إنّ المراد بالشين ـ على ما صرّح به في المدارك وغيره (٤) ـ ما يعلو البشرة من الخشونة المشوّهة للخلقة من استعمال الماء في البرد ، وقد يصل إلى تشقّق الجلد وخروج الدم.
(وكذا لو كان معه ماء للشرب وخاف العطش) على نفسه (إن استعمله) جاز له التيمّم بلا إشكال ولا خلاف فيه نصّا وفتوى ، كما يدلّ عليه ـ مضافا إلى عمومات الكتاب والسنّة ـ صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه قال في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه إلّا ماء قليل ، ويخاف إن هو اغتسل أن يعطش ، قال : «إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمّم بالصعيد ، فإنّ الصعيد أحبّ إليّ» (٥).
__________________
(١) الحاكي عنهم هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ١١٤ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ١٣٥ ، وجامع المقاصد ١ : ٤٧٣ ، وروض الجنان : ١١٧ ، وكشف اللثام ٢ : ٤٤٣.
(٢) كما في جواهر الكلام ٥ : ١١٤.
(٣) حكاه عنها صاحب الجواهر فيها ٥ : ١١٤ ، وانظر : كفاية الأحكام : ٨.
(٤) مدارك الأحكام ٢ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، جامع المقاصد ١ : ٤٧٣.
(٥) الكافي ٣ : ٦٥ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٠٤ / ١٢٦٧ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب التيمّم ، ح ١.