والله العالم.
ثمّ لا يخفى أنّه حيثما جاز التيمّم عند الخوف من عطش جاز ذلك عند تحقّق ذلك العطش ؛ لفحوى الأدلّة المتقدّمة والأولويّة القطعيّة.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل : ظاهر غير واحد أنّ الخوف ـ الذي أنيط به الأحكام المتقدّمة ـ يساوق الظنّ.
وهو وهم ؛ فإنّ الخوف من وقوع المكروه يتحقّق عرفا ولغة عند احتمال وقوعه احتمالا يعتدّ به حيث يكون منشأ لتشويش الخاطر من حيث عدم الوثوق بعدمه في مقابل الأمن بذلك ، فالطريق المخوف عبارة عن غير المأمون ، لا ما يظنّ فيه عدم السلامة ، كما هو واضح.
الثاني : هل يكفي في جواز التيمّم في جميع الموارد المتقدّمة مطلق الخوف؟ أم يعتبر بلوغه حدّا يظنّ معه وقوع ما يخاف منه؟ كما هو صريح الجماعة الّتي تقدّمت الإشارة إليهم ، أو فيه تفصيل؟ والذي ينبغي أن يقال : دوران الحكم في كلّ مورد مدار تحقّق العنوان المأخوذ من دليله ، فيكفي مطلق الخوف المعتدّ به لدى العقلاء في الموارد التي يفهم حكمها من الأدلّة الخاصّة المتقدّمة ، كالخوف من العطش أو من زيادة المرض أو من تلف النفس ، وفي الموارد التي لا يفهم حكمها إلّا من أدلّة نفي الحرج يعتبر بلوغه حدّا يشقّ تحمّله في العادة ، وهذا كما يختلف باختلاف ما يخاف منه ، كذلك يختلف باختلاف مراتب الخوف ، فربّ مرتبة منه لا يكون التكليف بتحمّلها حرجيّا وإن كان متعلّقه على تقدير تحقّقه ممّا لا يتحمّل عادة ، و