مقتضاه التخيير في فعل أيّهما شاء لو لا الأهمّيّة في البين ، لا بمعنى أنّ التقييد العقلي اقتضى إرادة الوجوب التخييري من الدليلين في مورد المزاحمة ، بل بمعنى أنّ اشتراط كلّ من التكليفين بالقدرة أنتج ذلك بحكم العقل ، وأمّا مع أهمّيّة أحدهما فلا يرى العقل إلّا جواز ترك غير الأهمّ لأجل الاشتغال بالأهمّ لا مطلقا ، فيستنتج من ذلك وجوب الأهمّ مطلقا ووجوب غير الأهمّ معلّقا على ترك الأهمّ.
إن قلت : سلّمنا وجوب غير الأهمّ على سبيل الترتّب لكنّ الإتيان به على وجه يقع عبادة متعذّر ، إذ لا ينفكّ قصده عن العزم على ترك الأهمّ ، فيكون قصده مشوبا بالعزم على المعصية ، كما في المسألة السابقة.
قلت : ليس مجرّد عدم انفكاك القصدين مانعا من وقوع الفعل عبادة ، وإنّما المانع منه انحلال قصده إلى العزم على الحرام ، وهو غير لازم في المقام ، لأنّ قصد إيجاد غير الأهمّ إمّا مرتّب على العزم على ترك الأهمّ أو ملازم له لا متّحد معه ، فلا ضير فيه.
نعم ، لو قيل بأنّ ترك أحد الضدّين من مقدّمات فعل الآخر لا من لوازمه في الوجود ، اتّجه دعوى الانحلال بالتقريب المتقدّم في المسألة السابقة ، لكنّ المبنى فاسد ، كما تقرّر في محلّه.
مع إمكان أن يقال : إنّ العزم على إيجاد شيء ينحلّ إلى العزم على إيجاد مقدّماته الوجوديّة لا مطلقا ، فليتأمّل.
الخامس : لو توضّأ أو اغتسل في شيء من الموارد التي حرّم عليه ذلك غفلة عن حرمته أو نحوها من الأسباب الرافعة للتكليف الفعلي ، صحّ ولو في الموارد التي تعلّق به النهي بالخصوص ـ كما في المريض يخاف على نفسه ـ فضلا عمّا