قد حكي تفسير التراب بالأرض عن بعض اللغويّين (١) المفسّرين للصعيد بالتراب.
ويؤيّده ما حكي عن ناصريّاته ، قال : الذي يذهب إليه أصحابنا أنّ التيمّم لا يكون إلّا بالتراب وما جرى مجرى التراب ما لم يتغيّر بحيث يسلب إطلاق اسم الأرض عليه.
ثمّ حكى عن الشافعي وجملة من العامّة أقوالهم المختلفة ، إلى أن قال : حجّتنا الإجماع (٢). انتهى ؛ فإنّ ظاهره دعوى الإجماع على الجواز بما لا يخرج من إطلاق اسم الأرض في مقابل الأقوال التي حكاها عن المخالفين.
لكن قد ينافيه ما حكي عنه في الاستدلال عليه : بقوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٣) قائلا في تقريبه : إنّ الصعيد هو التراب بالنقل من أهل اللغة ، حكاه ابن دريد عن أبي عبيدة. وبقوله صلىاللهعليهوآله : «جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا» ولو جاز التيمّم بمطلق الأرض ، لكان لفظ «ترابها» لغوا (٤).
وهذه الفقرة الأخيرة صريحة في أنّ مراده بالتراب أخصّ من الأرض ، فالإنصاف أنّ عبارة السيّد لا تخلو عن تشويش ، ولم أجد فيما عثرت عليه من عبائر غيره التصريح بأنّ ما يتيمّم به هو خصوص التراب ، وأنّه هو المراد بالصعيد ، فلا بدّ في ذلك من التتبّع.
وكيف كان فالمتّبع هو الدليل ، والمتّجه ما هو المشهور من جواز التيمّم
__________________
(١) راجع : الحدائق الناضرة ٤ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٢) مسائل الناصريّات : ١٥١ ـ ١٥٢ ، المسألة ٤٨.
(٣) النساء ٤ : ٤٣ ، المائدة ٥ : ٦.
(٤) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، وانظر : جمهرة اللغة ٢ : ٦٥٤ «صعد».