نعم ، قد ينسبق إلى الذهن فيما لو علّل انتفاء الحكم بفقد صفة ـ كما فيما نحن فيه ـ أنّ وجود هذه الصفة علّة لثبوت الحكم مطلقا ، كما أنّ عدمها علّة للعدم ، لكنّه انسباق بدويّ منشؤه عدم التفات الذهن في بادئ الرأي إلى احتمال مدخليّة الخصوصيّات في العلّيّة ، وبعد الالتفات يتوقّف في الحكم ، فلو قيل مثلا : «لا تشارك زيدا فإنّه ليس بأمين ، ولا تعطه من الزكاة شيئا فإنّه ليس بفقير» ربما يخطر ابتداء في الذهن كون الأمانة والفقر علّة تامّة لثبوت الحكمين ، لكن بعد الالتفات إلى أنّ المتكلّم لم يتعرّض إلّا لكون الانتفاء علّة للانتفاء ، لا الوجود للوجود وإن استلزمه في خصوص المورد واحتمل (١) مدخليّة بعض الخصوصيّات ـ مثل الحذاقة في الأمور ـ في العلّيّة للحكم الأوّل ، وكونه مؤمنا في الثاني يتردّد الذهن لا محالة ، ولا يبقى على حالته الاولى حيث لم يكن ذلك الانسباق مسبّبا عن دلالة معتبرة.
فغاية ما يفهم من التعليل فيما نحن فيه إنّما هو جواز التيمّم برماد التراب والحجارة ونحوهما من أجزاء الأرض ، وسيأتي نفي البعد عنه ، لا جوازه بكلّ ما خرج منها.
وثانيا : لو سلّم ظهوره فيما ادّعي ، للزم رفع اليد عن هذا الظاهر بعد إعراض الأصحاب عنه ، ومخالفته لظواهر الكتاب والسنّة ، مع ما في الخبرين من ضعف السند.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ مناط المنع من التيمّم بالمعادن إنّما هو خروجه (٢) من مسمّى الأرض عرفا ، لا كونه معدنا ، فلو فرض صدق المعدن على ما يصدق عليه
__________________
(١) كذا ، والظاهر : «واحتمال».
(٢) أي : خروج المعدن.