كان التراب من أصله ممزوجا بمثل ذلك الشيء حيث لا يعتنى بمثله كثيرا مّا في الثاني ، دون الأوّل ، فإنّه قد يشبه ذلك ما أشرنا إليه في ذلك المقام من حصول براءة الذمّة في زكاة الفطرة وغيرها بدفع المقدار الواجب من مسمّى الحنطة وإن لم تصف عن شيء من التراب ونحوه ، وعدم البراءة بأقلّ من ذلك المقدار من الحنطة الصافية عند مزجها وتكميلها بطرح ذلك المقدار من التراب فيها عن اختيار ، فلاحظ وتدبّر ، والله العالم.
(ويكره) التيمّم (بالسبخة) وهي ـ كما في المجمع (١) ـ أرض مالحة يعلوها الملوحة (و) كذا بـ (الرمل) على المشهور فيهما ، كما في الجواهر (٢) وغيره (٣) ، بل عن المعتبر والمنتهى دعوى الإجماع على جواز التيمّم بهما على كراهة ، إلّا أنّه استثنى في المعتبر ابن الجنيد ؛ فإنّه منع من السبخ (٤).
وكفى بما عرفت دليلا للكراهة بعد البناء على المسامحة.
وأمّا جوازه بهما فقد عرفت أنّه ممّا لا ينبغي الاستشكال فيه ولو اختيارا بعد وقوع اسم الأرض عليهما.
(ويستحبّ أن يكون) التيمّم (من ربا (٥) الأرض وعواليها) بل يكره أن يكون من المهابط ؛ لما عن الخلاف وغيره من دعوى الإجماع عليهما (٦).
__________________
(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٣٣ «سبخ».
(٢) جواهر الكلام ٥ : ١٤١.
(٣) كفاية الأحكام : ٨.
(٤) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ١٤١ ، وانظر : المعتبر ١ : ٣٧٤ ، ومنتهى المطلب ١ : ١٤١.
(٥) الرّبو : ما ارتفع من الأرض. الصحاح ٦ : ٢٣٤٩ «ربا».
(٦) الخلاف ١ : ١٦٣ ، المسألة ١١٥ ، المعتبر ١ : ٣٧٥ ، جامع المقاصد ١ : ٤٨٣ ، وحكاه عنها صاحب الجواهر فيها ٥ : ١٤٢.