على الغبار الكامن فيه حتّى يعارضها رواية (١) أبي بصير وغيرها من الأخبار الظاهرة في اعتبار وقوع التيمّم بنفس الغبار ، لا بالشيء الذي يكون الغبار كامنا فيه ، ففي مثل الفرض يجب نفض الثوب حتّى يظهر غباره ليقع التيمّم بغباره ، كما أنّه هو الذي تقتضيه قاعدة الميسور ، التي هي مناط شرعيّة التيمّم بالغبار على الظاهر ، كما يفصح عنه التعليل الواقع في صحيحة زرارة : «بأنّ فيها غبارا».
ويؤيّده تقدّم رتبته على الطين الذي علّل جواز التيمّم به في بعض الأخبار : «بأنّه صعيد طيّب وماء طهور» (٢) فالقول باعتبار نفض الثوب وبروز غباره أقوى مع أنّه أحوط.
نعم ، لو تعذّر ذلك ، لكان الأحوط هو الجمع بين التيمّم بالثوب الذي يثور منه الغبار بالضرب عليه والتيمّم بالوحل الذي ستعرف تأخّر رتبته عن الغبار.
الرابع : هل يعتبر تقديم ما هو الأكثر غبارا أم لا؟ وجهان : من إطلاق الأخبار الآمرة بالتيمّم من غبار ثوبه أو شيء معه مغبرّ ، ومن اقتضاء قاعدة الميسور اعتبار مراعاة الأقرب فالأقرب ، وإمكان دعوى أنّ مغروسيّة القاعدة في الذهن توجب صرف الإطلاقات إلى ما يقتضيها. ولا ريب أنّ هذا هو الأحوط وإن كان الأوّل أظهر.
الخامس : يعتبر في الغبار كونه من أجزاء الأرض كغبار التراب ونحوه ممّا يجوز التيمّم بأصله بلا خلاف فيه على الظاهر ، فلا يجزئ غبار الأشنان والدقيق ونحوه ؛ لانصراف الأدلّة عنه خصوصا بعد التفات الذهن إلى عدم جواز التيمّم
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادرها في ص ٢٠٤ ، الهامش (٥).
(٢) التهذيب ١ : ١٩٠ / ٥٤٩ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب التيمّم ، ح ٦.