أن يجتمع في شيء منها الماء بقدر أن يتوضّأ ، فهي لا تنفكّ عادة عن مواضع يمكن أن يتيمّم بها من غير أن تتلطّخ بها اليد بحيث لا يصدق عليها اسم الوحل وإن لم يطلق عليها اسم التراب ، فإنّ المراد بالوحل هو الطين الرقيق الذي لا يطلق عليه اسم الأرض ، وتتلطّخ به اليد عند وضعها عليه ، بل هذا هو المتبادر من الطين أيضا في سائر الأخبار ، وما لم يبلغ هذه المرتبة فهو مقدّم على الغبار بلا تأمّل.
هذا ، مع أنّ الظاهر أنّ المراد بقوله : «فإنّه راكب لا يمكنه النزول» إلى آخره ، هو الاستفهام عن حكم من تعذّر عليه النزول للتطهير والتوضّؤ بواسطة الخوف ، فهي ـ على الظاهر ـ مسألة مستأنفة ، فليتأمّل.
ثمّ لو سلّم دلالة هذه الرواية على ما ادّعي فهي لا تصلح معارضة للأخبار المتقدّمة ، خصوصا بعد إعراض الأصحاب عنها ، فلا مجال للتشكيك في الحكم ، والله العالم.
تنبيه : اختلف كلام الأصحاب في كيفيّة التيمّم بالوحل.
والذي يظهر من المتن وغيره ـ بل عن الحلّي وغيره التصريح به (١) ـ أنّها كالتيمّم بالتراب يضرب يديه عليه ويمسح بهما جبهته وظاهر كفّيه.
وهذا هو الذي تقتضيه إطلاقات الأدلّة الواردة في مقام البيان ؛ إذ لو كان له كيفيّة خاصّة لبيّنها الإمام عليهالسلام عند الأمر به.
وعن المقنعة أنّه يضع يديه ثمّ يرفعهما فيمسح إحداهما بالأخرى حتى لا تبقى فيها نداوة ثمّ يمسح بهما وجهه (٢).
__________________
(١) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ١٤٨ ، وانظر : السرائر ١ : ١٣٨ ، ومستند الشيعة ٣ : ٤٠٦.
(٢) حكاه عنها العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٥٢٩ ـ ٥٣٠ ، وانظر : المقنعة : ٥٩.