الحضر لو كانت مقتضية لذلك ، لاقتضته أيضا بالنسبة إلى الأسفار التي جرت العادة بمصادفة الماء في طريقها كالحضر ، وليس كذلك قطعا ، بل لو كان مورد الأخبار خصوص المسافر ، لم تكن خصوصيّته مقصودة بالحكم بلا شبهة ، ولذا استفدنا حكم سائر اولي الأعذار من مثل هذه الأخبار.
وكيف كان فالتوجيه المذكور إنّما هو على تقدير أن يكون مراده الإعادة في الوقت لا في خارجه ، وإلّا فلم يعرف له وجه أصلا.
(وقيل) كما عن كتب الشيخ والمهذّب والإصباح وروض الجنان (١) (فيمن تعمّد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء : يتيمّم ويصلّي ثمّ يعيد) لرواية جعفر بن بشير عمّن رواه عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف إن اغتسل ، قال : «يتيمّم فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة» (٢).
وعلّله بعض (٣) أيضا بقاعدة الاحتياط ؛ لعدم العلم بإجزاء الترابيّة في الفرض بعد ما ورد من التشديد عليه في عدّة أخبار بالاغتسال وإن تألّم من البرد.
وفيه : ما عرفت عند البحث عن مسوّغات التيمّم أنّ الأقوى شرعيّة التيمّم لمن خشي على نفسه من استعمال الماء من غير فرق بين الجنب وغيره وإن
__________________
(١) الحاكي عنها هو صاحب كشف اللثام فيه ٢ : ٤٨٧ ، وانظر : النهاية : ٤٦ ، والمبسوط ١ : ٣٠ ، والتهذيب ١ : ١٩٦ ، ذيل ح ٥٦٨ ، والاستبصار ١ : ١٦٢ ، ذيل ح ٥٦٠ ، والمهذّب ١ : ٤٨ ، وإصباح الشيعة : ٤٩ ، وفي روض الجنان : ١٣٠ خلاف ما نسب إليه في المتن ، أي الإعادة ، كما أشار إليه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٥٥٤.
(٢) الكافي ٣ : ٦٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٩٦ / ٥٦٧ ، الإستبصار ١ : ١٦١ / ٥٥٩ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب التيمّم ، ح ٦.
(٣) صاحب الجواهر فيها ٥ : ٢٢٧.