فشكّ في اختصاص التكليف بما قبل الزوال أو شموله لما بعده أيضا ، فلا مانع من استصحابه ما دام اليوم باقيا ، وإنّما الممتنع إجراؤه بعد انقضاء اليوم الذي أخذه قيدا في الموضوع ، لا الجزء الأوّل الذي احتملنا مدخليّته فيه.
نعم ، لو كان مبنى الاستصحاب في بقاء الموضوع على المداقّة العقليّة ، لاتّحد حكم الصورتين ، لكنّه ليس كذلك ؛ وإلّا لم يجر في شيء من الأحكام الشرعيّة ، بل المحكّم فيه العرف القاضي ببقاء الموضوع في مثل الفرض بلا شبهة ، لكن مع ذلك لا ريب في أنّ الأولى عدم تأخير الغسل عن أوّل الزوال بل عن وقت الصلاة ، والأحوط إتيانه عند التأخير بداعي الاحتياط ، والله العالم.
(و) منها : غسل (يوم عرفة) على المشهور بل المجمع عليه ، كما عن الغنية والمدارك (١) ؛ للأخبار المستفيضة.
وفي بعضها وصفه بالوجوب ، كخبر (٢) سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، الذي عدّ فيه جملة من الأغسال الواجبة والمستحبّة ، ووصف أكثرها بالوجوب.
والمراد به ـ على ما يشهد نفس هذه الرواية فضلا عن شهادة غيرها من النصوص والفتاوى ـ ما لا ينافي الاستحباب ، كما لا يخفى على من لاحظها ، فيحمل عليه بقرينة ما عرفت.
ولا يختصّ بالناسك في عرفات ؛ لإطلاق النصوص والفتاوى ، وخصوص رواية عبد الرحمن (٣) بن سيابة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن
__________________
(١) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ٣٥ ، وانظر : الغنية : ٦٢ ، ومدارك الأحكام ٢ : ١٦٦.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٨ ، الهامش (٤).
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «عبد الله» بدل «عبد الرحمن» والصحيح ما أثبتناه من المصدر.