ثمّ إنّ المراد بوجدان الماء في النصوص والفتاوى هو الماء الذي يتمكّن من استعماله عقلا وشرعا ؛ لأنّ هذا هو المتبادر منه في مثل المقام ، كما أنّه هو الذي تقتضيه قاعدة طهوريّته للعاجز ، بل المنساق إلى الذهن كون ذكره في الفتاوى بل النصوص من باب المثال جريا على الغالب ، وإلّا فالمراد به مطلق تجدّد القدرة من استعمال الماء بعد التيمّم من غير فرق بين كون المسوّغ له فقد الماء أو غيره من الأعذار.
ويشهد لما ذكرنا من إرادة وجدان الماء الذي يتمكّن من استعماله من النصوص والفتاوى ـ مضافا إلى ما ذكرناه من الانصراف ـ خبر أبي أيّوب عن أبي عبد الله عليهالسلام ، المرويّ عن تفسير العيّاشي ، قال : «التيمّم بالصعيد لمن لم يجد الماء كمن توضّأ من غدير ماء ، أليس الله يقول (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (١)؟» قال : قلت : فإن أصاب الماء وهو في آخر الوقت؟ قال : فقال : «قد مضت صلاته» قال : قلت له : فيصلّي بالتيمّم صلاة أخرى؟ قال : «إذا رأى الماء وكان يقدر عليه ، انتقض التيمّم» (٢) فإنّه يدلّ على عدم الانتقاض لو لم يقدر عليه ، فلا عبرة بما إذا وجد ماء لم يجز له استعماله لمانع عقليّ أو شرعيّ ، كتضرّره به ، أو كونه مغصوبا ، أو ضاق الوقت عن استعماله ، بل وكذا لو جاز له الاستعمال ولكن قصر زمان القدرة عليه عن التطهّر به ، بأن لم يتمكّن إلّا من بعض الغسل أو الوضوء مثلا ، فإنّه لا يعتدّ بذلك حيث لا يندرج به في موضوع القادر.
__________________
(١) النساء ٤ : ٤٣.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٢٤٤ / ١٤٣ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب التيمّم ، ح ٦.