فما عن بعض (١) [متأخّري] المتأخّرين ـ من الميل إلى كون وجدان الماء ناقضا مطلقا ؛ اغترارا بما يتراءى من إطلاق النصوص والفتاوى المسوقة لبيان حكم آخر ، مع انصرافها إلى إرادة الماء الذي يتمكّن من التطهّر به ـ ضعيف ، فالمدار في الانتقاض إنّما هو على القدرة على الطهارة المائيّة ، لا مجرّد وجدان الماء.
نعم ، إذا وجد الماء ، بنى ـ بمقتضى ظاهر الحال ـ على انتقاض تيمّمه ، فإذا ظهر قصور زمان التمكّن عن الفعل ، انكشف خلافه ، لكن لو تمكّن عند وجدان الماء من حفظه والتطهّر به فقصّر في ذلك إلى أن زالت القدرة ، فقد خرج من الفرض ، واندرج في موضوع القادر الذي عرفت حكمه من انتقاض تيمّمه ، فعليه أن يتيمّم ثانيا بعروض العجز عند تنجّز التكليف بشيء من غاياته ، كما يدلّ عليه الخبر المتقدّم (٢).
ولا فرق في انتقاض التيمّم بتجدّد القدرة بين كونها بعد دخول وقت الصلاة أو قبله ، كما إذا تيمّم قبل الوقت لغاية ، ثمّ تمكّن من استعمال الماء قبل أن يدخل وقت الصلاة ، فلم يستعمل حتّى طرأ العجز ، فعليه أن يتيمّم بعد الوقت لصلاته ، سواء كان طروّ العجز قبل دخول وقتها أو بعده ؛ لما عرفت من أنّ القدرة على استعمال الماء تزيل أثر التراب ؛ لكونه طهورا للعاجز وقد ارتفع العجز ، فلا طهارة.
__________________
(١) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ٢٣٦ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من جواهر الكلام ، وانظر : ذخيرة المعاد : ١٠٧ ـ ١٠٨ ، والحبل المتين : ٩٤ ، والحدائق الناضرة ٤ : ٣٩٩ ـ ٤٠٠.
(٢) أي خبر أبي أيّوب ، المتقدّم في ص ٣٤٠.