فعمل بإطلاق ما دلّ على المضيّ ، كما عن المشهور ، وحمل ما دلّ على القطع قبل الركوع على الاستحباب ، كما التزم به ، أو احتمله كلّ من تصدّى لتوجيهه من القائلين بمقالة المشهور ، ولا غرابة في التزامه باستحباب القطع مع فرض الضيق بعد مساعدة الدليل ؛ لإمكان أن يكون ما يدركه من صلاته في الوقت مع الطهارة المائيّة أرجح لدى الشارع من إيقاع تمام صلاته في الوقت مع التيمّم.
لكنّ الغريب التزامه باعتبار هذه المرتبة من الضيق في صحّة التيمّم ، وتجويزه دخوله في الصلاة بالتيمّم بل مضيّه فيها إن لم يجد الماء في الأثناء وهو في حال لو وجد الماء لغلب على ظنّه التمكّن من الطهارة والصلاة ، كما هو المنساق إلى الذهن في موضوع فرضه.
اللهمّ إلّا أن يلتزم بكفاية إحراز الضيق عند إرادة التيمّم والصلاة بنحو من المسامحة العرفيّة ، ولزوم مراعاته على سبيل التحقيق عند وجدان الماء ، كما لا يخلو عن وجه.
وكيف كان فقد ظهر لك بما أشرنا إليه آنفا ـ من أنّ مقتضى القاعدة انتقاض التيمّم بالتمكّن من استعمال الماء مطلقا في غير ما ثبت خلافه ـ حكم الطواف من أنّ المتّجه انتقاض التيمّم بوجدان الماء في أثنائه كوجدانه قبله من غير فرق بين الواجب منه والمندوب ، والتشبيه له بالصلاة (١) منصرف إلى غيره ، كما أنّ المتّجه انتقاض تيمّم الميّت بالتمكّن من تغسيله قبل الدفن وإن صلّي عليه ، كما عرفته في
__________________
(١) إشارة إلى قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : «الطواف بالبيت صلاة». راجع : سنن النسائي ٥ : ٢٢٢ ، وسنن الدارمي ٢ : ٤٤ ، والمستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ٤٥٩ ، و ٢ : ٢٦٧ ، والمعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١١ : ٣٤ / ١٠٩٥٥.