في أنّ الله تعالى منّ على عباده بأن جعل لهم التراب طهورا ما لم يجدوا ماء ، فمتى استحبّ تحصيل الطهور لذاته أو لشيء من غاياته ، أو وجب ، جاز لمن لم يجد الماء تحصيله بالتراب.
ولعمري إنّ المسألة من الواضحات التي لا ينبغي إطالة الكلام فيها ، وإثبات كونها بعمومها إجماعيّة أو كون بعض جزئيّاتها موردا للخلاف.
نعم ، يشكل الأمر في مواقع :
منها : أنّه هل يجوز التيمّم بدلا من الوضوءات الغير الرافعة كوضوء الجنب والحائض ، أو الأغسال المستحبّة ، أم لا؟ وجهان ، قد يقوى في النظر جوازه بدلا من الوضوءات المستحبّة ؛ لإطلاق قوله عليهالسلام : «التيمّم بالصعيد لمن لم يجد الماء كمن توضّأ من غدير ماء» (١).
هذا ، مع قوّة احتمال كون الوضوء في حدّ ذاته طبيعة واحدة فائدتها الطهور ، وهي تختلف بحسب الموارد من حيث قابليّة المحلّ وعدمها ، وأمّا الأغسال المسنونة فيشكل فيها ذلك وإن اقتضاه إطلاق قوله عليهالسلام في الرضوي : «التيمّم غسل المضطرّ ووضوؤه» (٢) وعموم المنزلة في صحيحة حمّاد : «هو بمنزلة الماء» (٣) فإنّ المتبادر منه كونه بمنزلته في التوضّؤ والاغتسال ، لكن لا يبعد دعوى انصرافها عمّا لا يرفع الحدث خصوصا بملاحظة كون الحكمة في شرع بعضها التنظيف ، مع أنّ من المستبعد جدّا جواز التيمّم بدلا من غسل الجمعة ،
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١ : ٢٤٤ / ١٤٣ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب التيمّم ، ح ٦.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥٥ ، الهامش (٦).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٥٤ ، الهامش (٢).