وأمّا لو أغمضنا عن قاعدة التسامح ، فالأشبه ما ذكره ابن الجنيد من اختصاص شرعيّته بما إذا خاف فوت الصلاة.
وأمّا الرواية فالمتبادر من موردها ليس إلّا إرادته عند خوف فوت المشايعة والصلاة عليها بتحصيل الوضوء ، لا لمجرّد كونه هو الغالب في فرض المفاجأة ، بل لكون المنساق من السؤال إرادته في هذا الفرض.
ويدلّ على شرعيّته عند خوف فوات الصلاة مع الطهارة أيضا ـ مضافا إلى كونها من الغايات المستحبّة التي يقتضيها عموم البدليّة ـ خصوص حسنة الحلبي أو صحيحته : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن رجل تدركه الجنازة وهو على غير وضوء ، فإن ذهب يتوضّأ فاتته الصلاة عليها ، قال : «يتيمّم ويصلّي» (١).
وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في استحبابه ولو مع التمكّن من استعمال الماء ، لكن لا يشرع في هذا الفرض أن يقصد بفعله استباحة سائر الغايات المشروطة بالطهور ، بل يأتي به للغاية الخاصّة (بنيّة الندب ، ولا يجوز له الدخول به في غير ذلك من أنواع الصلاة) وغيرها من الغايات المشروطة بالطهور ، كما هو واضح بعد ما عرفت من أنّ عمدة مستنده المسامحة ، بل وكذلك إذا تيمّم للنوم مع تمكّنه من استعمال الماء ، والله العالم.
قد فرغت من كتابة الركن الثالث من كتاب الطهارة في يوم الأحد رابع جمادى الثانية من سنة ١٢٩٩ ، وأنا العبد الآثم الجاني محمد رضا الهمداني ـ عفي عنه ـ مصنّف هذا الكتاب ، وفّقه الله تعالى بجاه محمّد وآله.
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٧٨ / ٢ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب صلاة الجنازة ، ح ٦.