ثمّ إنّه حكي عن بعض الأصحاب التصريح باختصاص استحباب الغسل بالتوبة عن الكبيرة دون الصغيرة (١) ، بل ربما استظهر ذلك من المتن ونحوه ؛ نظرا إلى عدم كون الصغيرة موجبة للفسق كي يندرج في موضع الحكم ، لكن عمّمه بعضهم (٢) ، بل عن بعض أنّه هو المشهور (٣) ، بل عن المنتهى دعوى الإجماع عليه (٤) ، وعن الحدائق نسبته إلى الأكثر (٥) ، بل لا يبعد إرادته من المتن وغيره.
وكيف كان فهذا هو الأظهر بعد البناء على المسامحة خصوصا مع إمكان دعوى استفادته من الرواية المتقدّمة (٦) ؛ إذ الظاهر أنّ قوله عليهالسلام : «قم فاغتسل» إلى آخره ، بيان لكيفيّة التوبة بإظهار الندم بالتطهير ، وفعل الصلاة كفّارة له عمّا صدر منه من الخطيئة ، وقوله عليهالسلام : «فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم» مسوق لأن يقرّب احتياجه إلى التوبة إلى ذهنه.
هذا ، مع أنّ المورد ـ وهو استماع التغنّي من وراء الجدار ـ بحسب الظاهر من الصغائر ، وكون إصرار الجاهل بالحكم ـ الذي يرى جوازه ـ موجبا لصيرورته كبيرة لا يخلو عن إشكال.
ولا ينافيه إطلاق الأمر العظيم عليه في الرواية ؛ فإنّ مطلق الخروج من طاعة الله بارتكاب محارمه عظيم وإن كان بعضها أعظم من بعض ، والله العالم.
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ٥ : ٥٣ عن الغنية : ٦٢.
(٢) كصاحب الجواهر فيها ٥ : ٥٤.
(٣) حكاه صاحب الجواهر فيها ٥ : ٥٤ عن كتاب المصابيح ، وهو مخطوط.
(٤) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٥ : ٥٤ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ١٣١.
(٥) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٣١ ، وانظر : الحدائق الناضرة ٤ : ١٩٤.
(٦) في ص ٥٣.