اطّراد شرعيّة التيمّم في سائر مواقع الضرورة ، وعدم اختصاصها بالموارد المذكورة في الآية ، وتخصيص تلك الموارد بالذكر على الظاهر لأجل تحقّق الضرورة فيها غالبا ، وإلّا فالمناط مطلق تعذّر استعمال الماء عقلا أو شرعا ، بل تعسّره أيضا في الجملة على ما ستعرفه إن شاء الله.
كما أنّه يستفاد عرفا من تعليق الأمر بالتيمّم على عدم وجدان الماء كون التيمّم بدلا اضطراريّا من الوضوء سوّغته الضرورة بحيث لو فرض محالا تمكّنه من الوضوء لكان هو المطلوب الأصلي ، نظير ما لو قال : إذا جاءك زيد فأطعمه بالطبيخ (١) الكذائي ، وإذا لم يتهيّأ لك أسبابه فأطعمه بالخبز مثلا ، حيث يفهم من مثل ذلك عرفا أنّ رفع اليد عن الطلب الأوّل في مثل الفرض والأمر بالثاني لأجل الضرورة ، وكون المطلوب الثاني بدلا اضطراريّا من الأوّل ، لا لفقد المقتضي وانقلاب الموضوع لأجل عدم تهيّؤ الأسباب ، كالمسافر والحاضر بالنسبة إلى الصوم والصلاة ، ولذا صحّ أن يدّعى أنّه يفهم من الآية وجوب بذل الجهد في تحصيل الماء للطهارة ، وانتقال التكليف إلى التيمّم عند تعذّر تحصيل الماء بعد الغضّ عمّا قد يقال من أنّ المنساق إلى الذهن اعتبار الطلب في تحقّق مفهوم «إن لم تجدوا» فإنّ وجوب التحصيل مع الإمكان هو الذي تقتضيه البدليّة الاضطراريّة ، ولعلّ هذا هو مراد من فسّر عدم الوجدان بعدم التمكّن ، لا أنّه استعمل اللفظ فيه على سبيل التجوّز في الكلمة كي يطالب بالدليل.
(و) كيف كان فـ (النظر) في هذا المبحث يقع (في أطراف أربعة) :
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «الطبخ». والصحيح ما أثبتناه.