من ذلك» (١) منصرف عن صورة العلم بوجود الماء ، كما هو ظاهر.
وأمّا الغلوة فهي بالفتح كما في مجمع البحرين : مقدار رمية سهم ، وحكى فيه عن الليث : الفرسخ التامّ خمس وعشرون غلوة. وعن أبي شجاع (٢) في خراجه : الغلوة قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة (٣).
وحكي عن الارتشاف أنّها مائة باع والميل عشر غلاء (٤).
هذا ، ولكنّ الظاهر أنّ هذا الخلاف إنّما هو في تحديد المصداق لا في تعيين مفهوم الغلوة كي يكون لقول اللغويّين فيه خصوصيّة ، فلا وثوق بقولهم في مثله ، خصوصا مع قضاء العادة بعدم كونهم من أهل الخبرة في العمل ، مع أنّ تطبيقه على الفرسخ والميل على سبيل التعيين ـ كما سمعته من بعضهم ـ لا يخلو عن مجازفة.
وكيف كان فالمدار على مقدار رمية سهم أو سهمين بحسب المتعارف الغالب ، لكنّ الذي أشكل علينا الأمر عدم تعارف الرمي بالسهم في عصرنا ، إلّا أنّ الذي يقوى في حدسي أقربيّة ما عن أبي الشجاع إلى الواقع ؛ فإنّ من المستبعد تجاوز السهم المتعارف عن أربعمائة ذراع ، لكنّ الظنّ لا يغني من جوع ، بل يجب الاحتياط حتّى يحصل القطع بالخروج من عهدة التكليف.
ولو اختلفت الجهات سهولة وحزونة ، ففي كلّ جهة يراعى حكمها.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٠٢ / ٥٨٦ ، الإستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧١ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب التيمّم ، ح ٢.
(٢) في المغرب : «ابن شجاع».
(٣) مجمع البحرين ١ : ٣١٩ «غلا» وانظر : المغرب ٢ : ٧٨.
(٤) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ٢ : ٤٣٥.