فيكون مصدّقا له في هذه الأحكام ، بل لما أشرنا إليه من عدم التنافي إذا التزم بخطئه على تقدير مخالفة قوله لقول الرسول ، غاية الأمر أنّه اعتقد عدم المخالفة ، ولا ضير فيه ، ولذا لو أنكرها العوام أيضا أو المجتهد بظنون غير معتبرة لا يوجب كفره.
وهذا النحو من الإنكار الغير المنافي للتصديق الإجماليّ يتصوّر على أنحاء ، فإنّه تارة يؤوّل كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله متشبّثا بقواعد لفظيّة أو قرائن عقليّة أو نقليّة ، حاليّة أو مقاليّة يزعم صلاحيّتها للقرينيّة لصرف الكلام عرفا ، فيحمل الكلام الصادر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله على المعنى الذي أراده بواسطة تلك القرائن ، كما لو ادّعى في المثال السابق أنّ الصلاة لغة هي الدعاء ، ولم يثبت عندي إرادة غير معناها اللغوي ، والأصل عدم النقل.
وهذا النحو من الإنكار لا يوجب الكفر بلا شبهة بناء على عدم كونه سببا مستقلّا ، كما هو المفروض.
وتارة يؤوّله بواسطة بعض الأمور الغير الصالحة للقرينيّة عرفا ، مثل ما حكي عن بعض الجهّال من المتصوّفة من إنكار وجوب الصلاة ونحوها على مشايخهم الذين أكملوا نفوسهم بالرياضات بزعمهم ، مدّعيا أنّ المقصود بالعبادات تكميل النفوس ، فيسقط التكليف عنها بعد الكمال (١).
ونظير ذلك ما لو اعترف بظهور الكلام في المعنى المعروف ، ولكن ادّعى صدوره من باب التورية ونحوها من الأمور المقتضية لإظهار خلاف الواقع.
__________________
(١) راجع : الأنوار النعمانيّة ٢ : ٢٨٢.