وحكم هاتين الصورتين كحكم الصورة السابقة إن قلنا بأنّ إرادة خلاف الظاهر ممّا له ظاهر من غير نصب قرينة ليس بكذب ، وإلّا ففيه إشكال ، وإن كان الأظهر فيه أيضا عدم الكفر ، لانصراف ما دلّ على سببيّة التكذيب للكفر عن مثل ذلك ، كما أنّه ينصرف عمّا لو أسند إليه صريحا الكذب المجوّز بأن قيل : إنّه كذب في المورد الكذائي حفظا لنفسه عن القتل.
وبهذا ظهر أنّه لو لم يدّع التورية والتأويل أيضا ، بل حمل كلامه على كونه كذبا صادرا عن تقيّة ، لا يكون ذلك أيضا موجبا للكفر.
وتارة يؤوّل كلامه بما ينافي الإذعان برسالته على كافّة العباد ، كما لو قيل ـ مثلا ـ بأنّ المقصود ببعث الرسول اللطف وإهداء القاصرين إلى ما يقرّبهم إلى الله تعالى ، فرسالته مقصورة على غير الحكماء الذين يرشدهم عقولهم إلى ما يصلحهم ويفسدهم ، فالمقصود بالعمومات الصادرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من قوله :«أقيموا الصلاة» ونحوه يراد بها غير مثل هذه الأشخاص.
وقد حكي عن بعض الفلاسفة محاجّته مع عيسى عليهالسلام بمثل هذا القول.
ونظير ذلك ما لو قيل بأنّه كان رسولا على الأعراب لا على عامّة العباد.
وكيف كان فمثل هذا الإنكار كفر محض ، فإنّه وإن لم يكن منافيا للتصديق الإجماليّ ، لأنّه يعترف بصدقه على تقدير ادّعائه العموم ، لكنّه يزعم أنّه لم يدّع ذلك إلّا أنّه إنكار لرسالته في الجملة ، وهو ـ كإنكار أصل الرسالة ـ سبب للكفر بالضرورة فضلا عن شهادة النصّ والإجماع عليه.
وقد يكون الإنكار ناشئا من الجهل بصدور الحكم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله رأسا ،