وأمّا ما في ذيل صحيحة (١) الكناني من إطلاق قوله عليهالسلام : «فما بال من جحد الفرائض كان كافرا» فلا يمكن الاستدلال به لإثبات سببيّة إنكار الفرائض ـ التي هي من الضروريّات على الإطلاق ـ للكفر ، لجريه مجرى العادة من عدم اختفاء شرعيّتها على أحد من المسلمين ، بل يعرفها كلّ من قارب المسلمين فضلا عمّن تديّن بهذا الدين ، ففرض كون إنكار الصلاة ـ التي هي عمود الدين ـ ناشئا من شبهة مجامعة للاعتراف بحقّيّة الشريعة وصدق النبيّ صلىاللهعليهوآله في جميع ما جاء به مجرّد فرض لا يكاد يتحقّق له مصداق في الخارج.
والحاصل : أنّه لا يفهم من مثل هذه الأخبار اعتبار عدم إنكار شيء من الأحكام الضروريّة من حيث هو وإن لم يكن منافيا لتصديق النبيّ صلىاللهعليهوآله في جميع ما جاء به إجمالا في مفهوم الإسلام المقابل للكفر حتّى يتقيّد به الأخبار الواردة في تفسير الإسلام ، الخالية عن ذكر هذا الشرط.
مثل : ما رواه في الكافي عن سماعة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟ فقال : «إنّ الإيمان يشارك الإسلام ، والإسلام لا يشارك الإيمان» فقلت : فصفهما لي ، فقال : «الإسلام شهادة أن لا إله إلّا الله ، والتصديق برسول الله صلىاللهعليهوآله ، به حقنت الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث ، وعلى ظاهره جماعة الناس ، والإيمان الهدى ، وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام» (٢) الحديث ، إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة عليه.
__________________
(١) تقدّمت الصحيحة في ص ٢٧٧.
(٢) الكافي ٢ : ٢٥ (كتاب الإيمان والكفر ، باب أنّ الإيمان يشرك الإسلام ..) ح ١.