وكيف كان فإن أراد المستدلّ هذا المعنى ، فسيأتي التكلّم فيه. وإن أراد إثبات اشتراط العصر بمجرّد جعل الغسل قسيما للصبّ أو الأمر به في ذيل الرواية الثانية ، ففيه ما سمعته من صاحب المدارك.
وأوجه من ذلك اعتراضه على الدليل الأوّل ، ضرورة أنّه إن تمّ فإنّما هو في النجاسات العينيّة الراسخة في الثوب ، دون الحكميّة التي ليس لها قذارة محسوسة.
نعم ، لو أريد بالنجاسة الراسخة الماء المتنجّس بملاقاة الثوب عند استعماله في تطهيره ، اتّجه كلامه بإرجاعه إلى الدليل الثالث المحكيّ عن المنتهى ، وهو عمدة ما ركن إليه أغلب المتأخّرين الذين وافقوا المشهور ، ومقتضاه التفصيل بين الغسل بالماء القليل وغيره ، كما اشتهر بينهم.
وكيف كان فالمهمّ في المقام أوّلا إنّما هو تحقيق مفهوم الغسل وتمييز ما يتوقّف عليه هذا المفهوم ، إذ لا شبهة نصّا وفتوى في اعتبار عنوان الغسل في حصول الإزالة ، وعدم كفاية مطلق الصبّ فيما عدا ما استثني ، كما شهدت به الروايتان المتقدّمتان (١).
فنقول : أمّا غسل الثوب الوسخ بالماء كغسل اليد القذرة فهو عرفا ولغة ليس إلّا تنظيفه وإزالة وسخه باستعمال الماء بوضعه ـ مثلا ـ في إناء ، وصبّ الماء عليه ، واستعمال بعض المعالجات المؤثّرة في انتقال وسخه إلى الماء من الفرك والدلك والعصر واستعمال الصابون والأشنان ونحوهما ، فمتى أزيل وسخ الثوب
__________________
(١) في ص ١١٩.