ممّا كان الفراش محشوّا بالصوف ، فإنّ الشيء المحشوّ بالصوف لا تستقرّ غسالته فيه ، بل تخرج من طرفه الآخر من غير احتياجه إلى العصر ، وقد عرفت أنّ اعتبار العصر ليس شرطا تعبّديّا حتى نلتزم بلزومه حتّى فيما لا يتوقّف انفصال غسالته عليه.
بقي الكلام في بعض الأشياء التي لا تنفصل عنها الغسالة بنفسها ولا بالعصر أو الدقّ أو التغميز أو غير ذلك ،كالصابون والفواكه والخبز والسمسم والحنطة وغيرها من الحبوب وما جرى هذا المجرى.
وقد وقع الخلاف والإشكال في تطهيرها إذا انتقعت في الماء المتنجّس بحيث نفذت النجاسة في بواطنها.
وأمّا لو لم ينجس إلّا سطحها الظاهر ، فلا ينبغي الاستشكال في طهارتها بغسلها على حدّ سائر الأجسام الصلبة الغير القابلة للعصر ، إلّا أن يكون مثل الخزف والتراب وغيرهما ممّا ترسب فيه غسالته ولا تنفصل عنه ، فيتطرّق فيه الإشكال حينئذ من هذه الجهة.
وكيف كان فعن جملة من الأصحاب أنّ ما جرى هذا المجرى لا يطهّر بالماء القليل ، بل تتوقّف طهارته على الغسل في الكثير.
واستشكله في المدارك.
أوّلا : باستلزامه للحرج والضرر.
وثانيا : بأنّ ما يتخلّف في هذه الأشياء من الماء ربما كان أقلّ من المتخلّف في الحشايا بعد الدقّ والتغميز ، وقد حكموا بطهارتها بذلك.