المقصود بالكلّيّة بيان أنّ الله تعالى منّ على عباده بأن وسّع عليهم الأمر ، ولم يوجب الاحتياط ، بل جعل كلّ شيء حلالا حتّى تثبت حرمته بدليل معتبر.
وهذه قاعدة كلّيّة غير منتقضة في شيء من مواردها ، غاية الأمر أنّ مستند الحكم بالحلّيّة في بعض مصاديقها نفس الشكّ ، وفي بعضها الآخر قيام الأمارة المقتضية للحلّيّة ، فليتأمّل.
وتثبت النجاسة أيضا بإخبار صاحب اليد على المشهور ، كما ادّعاه بعض (١) ، بل يظهر من غير واحد ـ على ما حكي (٢) عنهم ـ عدم الخلاف فيه.
وعمدة المستند في اعتبار قول ذي اليد هي السيرة القطعيّة ، واستقرار طريقة العقلاء على استكشاف حال الأشياء وتمييز موضوعاتها بالرجوع إلى من كان مستوليا عليها متصرّفا فيها.
وفي جملة من الأخبار إيماء إليه.
ولا يبعد أن يكون هذا مدرك القاعدة المعروفة التي ادّعي عليها الإجماع من أنّ «من ملك شيئا ملك الإقرار به» إذا الظاهر أنّ المراد بهذه القاعدة أنّ من كان مستوليا على شيء ومتصرّفا فيه قوله نافذ بالنسبة إليه.
وكيف كان فربما يظهر من بعض الأخبار الواردة في العصير ـ المتقدّمة (٣) في محلّها ـ : عدم الاعتماد على قول صاحب اليد ، الذي يستحلّ العصير بذهاب نصفه عند إخباره بذهاب ثلثيه.
ولعلّه محمول على الاستحباب.
__________________
(١) كما في ذخيرة المعاد : ١٣٩ ، وعنها في مفتاح الكرامة ١ : ١٣١.
(٢) راجع : الحدائق الناضرة ٥ : ٢٥٢.
(٣) في ج ٧ ، ص ٢٠٠ ، وهي موثّقة معاوية بن عمّار.