للجمع بين الأخبار المتنافية بظاهرها ، وإلّا لأمكن الجمع في جلّ الأخبار المتناقضة بل كلّها بهذا الوجه. وتمام التحقيق موكول إلى محلّه.
وثانيا : أنّه لا يمكن حمل الأخبار النافية للإعادة ـ مع كثرتها واستفاضتها ـ على إرادة خصوص ما بعد الوقت ، لا لمجرّد إبائها عن التقييد ، وكون الخبرين الأخيرين محمولا على الاستحباب أقرب من التصرّف في تلك الأخبار ، بل لأنّ بعضها نصّ في إرادة الإطلاق ، كخبر أبي بصير الذي وقع فيه السؤال عمّن علم بوجود جنابة أو دم بعد أن فرغ من صلاته (١) ، فإنّ مقصود السائل في هذه الرواية هو السؤال عن حكم ما لو علم بوجود النجاسة بعد الفراغ من صلاته في مقابل ما لو علم بها في أثناء الصلاة.
كما يشهد بذلك ما سأله أوّلا عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل صلّي في ثوب فيه جنابة ركعتين ثمّ علم به ، قال : «عليه أن يبتدئ الصلاة» قال : وسألته عن رجل يصلّي وفي ثوبه جنابة أو دم حتّى فرغ من صلاته ثمّ علم ، قال : «مضت صلاته ولا شيء عليه» (٢).
فكيف يمكن حمل مثل هذه الرواية على إرادة ما لو علم بها بعد خروج الوقت!؟
وأصرح من ذلك في إرادة الإطلاق : صحيحة زرارة ، المتقدّمة (٣) المصرّحة بنفي الإعادة عند وجدان النجاسة بعد أن صلّى مع كونه ظانّا بإصابتها حال الصلاة ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٨٩ ، الإستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٤ ، الوسائل ، الباب ٤٠ من أبواب النجاسات ، ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٨٩ ، الإستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٤ ، الوسائل ، الباب ٤٠ من أبواب النجاسات ، ح ٢.
(٣) في ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦.