فليس لأحد إلزام المحدّث الكاشاني وغيره ـ ممّن أنكر السراية ـ بمخالفته للإجماع ، ضرورة أنّه لم يحصل له القطع بالحكم من اتّفاق العلماء ، وإلّا لتبعهم ، فإنّ القاطع مجبول على اتّباع قطعه ، كما هو واضح.
نعم ، قد يتوجّه على من يخالف الإجماع ويتفرّد بالقول : الطعن باعوجاج السليقة وانحراف الطريقة.
لكنّه غير مجد في جواز اتباعهم ما لم يعتقد المخالف انحرافه عن الطريقة في خصوص المورد.
هذا ، مع أنّ الطعن في غير محلّه إذا كان تردّده في الحكم ناشئا عن التفاته إلى أسباب عقلائيّة موجبة للتشكيك ، كما فيما نحن فيه ، فإنّ في المقام شبهات لا بدّ إمّا من حلّها أو الالتزام بعدم السراية.
الأولى (١) : أنّه لو كان المتنجّس منجّسا مطلقا ـ كما هو معقد إجماعاتهم المحكيّة ـ للزم نجاسة جميع ما في أيدي المسلمين وأسواقهم ، ولتعذّر الخروج من عهدة التكليف بالتجنّب عن النجس ، والتالي باطل بشهادة العقل والنقل ، فكذا المقدّم.
بيان الملازمة : أنّا نعلم أنّ أغلب الناس لا يتحرّزون عن النجاسات ، ويخالطون غيرهم ، فيستوي حال الجميع ، لقضاء العادة بأنّه لو لم يتحرز شخص ولو في أقصى بلاد الهند من نجاسة في قضيّة واحدة وخالط الناس ، لسرت النجاسة إلى جميع البلاد بمرور الدهور إلى أن استوعبت ووصلت إلى بيوتنا
__________________
(١) أي الأولى من الشبهات المشار إليها آنفا.