اجتناب النجاسات.
مع أنّه ربما يتشبّث في إثبات مطلبه بمقدّمات محسوسة لا ينكرها عليه أحد ، ولو أرادوا إنكار شيء من مقدّمات يتشبّثون باحتمالات سوفسطائيّة ممّا لا يعتني به عاقل في شيء من حركاته وسكناته.
وربما ينقضون عليه بما هو أبده نجاسة من ذلك ، ويقولون : إذا تجتنب عن ذلك لم لا تجتنب عن الأجناس المنقولة من بلاد الكفر من المائعات والجوامد المصنوعة فيها ، أو لا تجتنب عن الدهن المشتري من أهل السواد الذين لا يتحرّزون عن النجاسات ، أو نحو ذلك؟ فهذه السيرة العملية تكشف عن عدم معهوديّة الاجتناب عن مثل هذه الأمور في الشريعة من صدر الإسلام ، بل المتأمّل في الأخبار وغيرها من الأمارات لا يكاد يرتاب في ذلك ولو مع قطع النظر عن السيرة ، بل لا مجال للتشكيك في أنّ أمر النجاسة لو لم يكن في عصر الأئمة عليهمالسلام أوسع ممّا بأيدينا لم يكن أضيق من ذلك.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : هذا النحو من المسامحة وعدم الاعتناء بالمقدّمات البديهيّة الإنتاج ينافي إطلاق السراية وعموم وجوب الاجتناب عن كلّ نجس ، إذ لا يعقل أن يجعل الشارع ملاقاة المتنجّس سببا للتنجيس مطلقا ، وأوجب الاجتناب عن كلّ نجس ، ثمّ رخّص في ارتكاب مثل هذه الأمور التي لا زال يتوارد عليها أسباب النجاسة على وجه لا يشتبه على أحد لو لم يكن بناؤه على الإغماض والمسامحة.
اللهمّ إلّا أن تكون المسامحة في تشخيص الموضوع مأخوذة في