موضوعيّته للحكم ، بأن أوجب الشارع ـ مثلا ـ الاجتناب عن النجس المعلوم بالمشاهدة أو بمقدّمات قريبة ، لا مطلق النجس ، أو جعل النجاسة اسما للأشياء المعهودة مقيّدة بكونها معلومة بالمشاهدة ونحوها ، أو غير ذلك من التوجيهات التي ليس الالتزام بشيء منها أهون من إنكار السراية ، مع اشتراك الكلّ في مخالفته للإجماع.
وقد زعم صاحب الحدائق أنّ العلم بالنجاسة من مقوّمات موضوعها ، بمعنى أنّ النجس الشرعي اسم للنجس المعلوم ، وتخيّل أنّ هذا يجديه في حلّ بعض الإشكالات الواردة على السراية من نظائر ما عرفت.
واستشهد لذلك ببعض الأخبار المسوقة لبيان الحكم الظاهري.
مثل قوله عليهالسلام : «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (١) ونحو ذلك من الأخبار الدالّة عليه.
وأطال الكلام في إثبات مرامه ، إلى أن قال في آخر كلامه : ولم أقف على من تنبه لما ذكرناه من التحقيق في المقام من علمائنا الأعلام إلّا السيّد الفاضل المحقق السيّد نعمة الله الجزائري في رسالة التحفة حيث قال ـ بعد أن نقل عن بعض معاصريه من علماء العراق وجوب عزل السؤر عن الناس ـ : ونقل عنهم أنّ من أعظم أدلّتهم قولهم : إنّا قاطعون أنّ في الدنيا نجاسات ، وقاطعون أيضا بأنّ في الناس من لا يتجنّبها ، والبعض الآخر لا يتجنّب ذلك البعض ، فإذا باشرنا أحدا من الناس فقد باشرنا المظنون النجاسة أو مقطوعها ، إلى أن قال : فقلنا لهم : يا معشر
__________________
(١) الكافي ٣ : ١ / ٢ و ٣ ، التهذيب ١ : ٢١٥ / ٦١٩ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، ح ٥.