إذا عرفت ما ذكرنا ، فنقول : أمّا الحرمة الذاتيّة فلم تثبت للصلاة مع النجس ، ومقتضى الأصل عدمها ، فلا يجوز رفع اليد عمّا تقتضيه قاعدة الاشتغال من تكرير الصلاة في الثوبين لاحتمال الحرمة الذاتيّة ، والأخبار الناهية عن الصلاة في النجس قاصرة عن إثباتها ، فإنّ المتبادر منها إرادة المانعيّة من الصلاة ، لا الحرمة الذاتيّة ، وعلى تقدير القول بها فمقتضى الأصل وإن كان التخيير ـ كما تقدّمت الإشارة إليه ـ لكن الحسنة المتقدّمة (١) واردة عليه.
ولو لم نقل بحجّيّة الحسنة أيضا ، أمكن الالتزام بمفادها بدعوى : أنّ وجودها مانع من استقلال العقل بالتخيير حيث يدور الأمر بواسطتها بين التخيير أو تغليب جانب الوجوب ، فليتأمّل.
ولتمام الكلام في ذلك وفي أنّ مقتضى الأصل الأولي في اشتباه الواجب بالحرام ، الناشئ من اشتباه الشرط بالمانع المحرّم ـ كما هو المفروض في المقام ـ : هو التخيير المقتضي لارتفاع الشرطيّة أو المانعيّة بالنسبة إلى الصلاة التي لا تسقط بحال ، مع أنّ الصلاة عاريا ـ التي هي أحد طرفي التخيير ـ معلوم بالتفصيل كونها فاقدة للشرط ، دون الصلاة في أحد الثوبين الذي يتحقّق به الستر يقينا ويحتمل طهارته ولم يتنجّز التكليف بالاجتناب عنه على تقدير النجاسة مقام (٢) آخر ، ولكن فيما أشرنا إليه في المقام غنى وكفاية لمن تدبّر.
(وفي الثياب الكثيرة) التي بعضها طاهر وبعضها نجس ولم يعرف الطاهر منها بعينه ولم تكن الشبهة غير محصورة أو بعض أطرافها خارجا من
__________________
(١) في ص ٢٤٨.
(٢) قوله : «مقام ..» جواب لقوله : «ولتمام الكلام ..».