الشرعيّة المجعولة لها من حرمة الأكل والشرب وتنجيس الملاقي وبطلان الصلاة الواقعة معها ووجوب إعادتها ، إلى غير ذلك من الآثار الشرعيّة ، فتنتفي الآثار واقعا عند انتفاء العلم.
وهذا بخلاف ما لو أطلق الشارع حكمه بسببيّة الملاقاة للتنجيس ووجوب الاجتناب عن كلّ نجس ، فإنّه وإن لم يجب على المكلّف على هذا التقدير أيضا الخروج من عهدة هذا الواجب ما لم يحرز موضوعه ، لكون العلم بالتكليف شرطا عقليّا في وجوب الامتثال ، لكنّ الجهل بالتكليف على هذا التقدير لا ينفي واقعة ، بل يجعل المكلّف معذورا في مقام الامتثال ، ولا يعقل أن يتصرّف الشارع في موضع هذا الحكم العقلي بأن يجعل العلم الحاصل من سبب خاصّ شرطا في وجوب الامتثال بعد فرض إطلاق حكمه الشرعي ، لرجوعه إلى التناقض ، كما تقرّر جميع ذلك في محلّه.
فملخّص الكلام : أنّ كون العلم بالنجاسة من مقوّمات موضوعها ـ كما التزم به صاحب الحدائق ـ أمر غير معقول ، إلّا أن يتكلف في تأويل كلامه بما يؤول إلى أحد التوجيهين المتقدّمين.
وثانيا : أنّ أخذ العلم قيدا في موضوع النجاسة مخالف لظاهر (١) جميع الأدلّة الدالّة عليها حتّى الأخبار التي تمسّك بها لمدّعاه من مثل قوله عليهالسلام : «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (٢) فإنّ ظاهرها كونها مسوقة لبيان الحكم الظاهري ، وكون العلم بالموضوع طريقا لإحرازه ، لا شرطا في موضوعيّته.
__________________
(١) في «ض ١٠» : «لظواهر».
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٥ ، الهامش (١).