وربما يستدلّ بهذه الصحيحة لإثبات طهارة ما أحالته النار رمادا أو دخانا ، نظرا إلى أنّ مثل هذا الجصّ لا ينفكّ من أن يتخلّف فيه شيء من رماد ما أوقد عليه ، فلو لم يطهّر بالاستحالة لزمه نجاسة الجصّ عند إيصال الماء إليه ، وكذا لا ينفكّ من أن يصيبه الدخان حال الإيقاد ، والماء الذي يصل إليه لا يصلح لتطهيره على تقدير نجاسته ، إذ لا يتحقّق به الغسل المعتبر شرعا ، فجواز السجود عليه دليل على عدم انفعاله بالدخان ، ولازمه أن لا يكون الدخان نجسا ، فعلى هذا تكون نسبة الطهارة إلى الماء لكونه مؤثّرا في رفع القذارة الحكميّة الناشئة من ملاقاة نجس العين مع الجفاف ، المقتضية لاستحباب الرشّ في بعض المقامات ، كما عرفته فيما سبق.
الثاني : قال شيخنا المرتضى رحمهالله في مبحث الاستصحاب من أصوله : إنّ بعض المتأخّرين فرّق بين استحالة نجس العين والمتنجّس ، فحكم بطهارة الأوّل ، لزوال الموضوع ، دون الثاني : لأنّ موضوع النجاسة فيه ليس عنوان الخشب مثلا ، وإنّما هو الجسم ، ولم يزل بالاستحالة.
وهو حسن في بادئ الرأي إلّا أنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ، إذ لم يعلم أنّ النجاسة في المتنجّسات محمولة على الصورة الجنسيّة وهي الجسم وإن اشتهر في الفتاوى ومعاقد الإجماعات أنّ كلّ جسم لاقى نجسا مع رطوبة أحدهما فهو نجس ، إلّا أنّه لا يخفى على المتأمّل أنّ التعبير بالجسم لأداء عموم الحكم لجميع الأجسام من حيث سببيّة الملاقاة.
وبتقرير آخر : الحكم ثابت لأشخاص الجسم ، فلا ينافي ثبوته لكلّ واحد