منها من حيث نوعه أو صنفه المتقوّم به عند الملاقاة ، فقولهم : «كلّ جسم لاقى نجسا فهو نجس» لبيان حدوث النجاسة في الجسم بسبب الملاقاة من غير تعرّض للمحلّ الذي يتقوّم به ، كما إذا القائل : «إنّ كلّ جسم له خاصية وتأثير» مع كون الخواصّ والتأثيرات من عوارض الأنواع.
وإن أبيت إلّا عن ظهور معقد الإجماع في تقوّم النجاسة بالجسم ، فنقول : لا شكّ أنّ مستند هذا العموم هي الأدلّة الخاصّة الواردة في الأشخاص الخاصّة ، مثل : الثوب والبدن والماء وغير ذلك ، فاستنباط القضيّة الكلّيّة المذكورة منها ليس إلّا من حيث عنوان حدوث النجاسة ، لا ما يتقوّم به ، وإلّا فاللازم إناطة النجاسة في كلّ مورد بالعنوان المذكور في دليله.
ودعوى أنّ ثبوت الحكم لكلّ عنوان خاصّ من حيث كونه جسما ليس بأولى من دعوى كون التعبير بالجسم في القضيّة العامّة من حيث عموم ما يحدث فيه النجاسة بالملاقاة ، لا من حيث تقوّم النجاسة بالجسم.
نعم ، الفرق بين المتنجّس والنجس أنّ الموضوع في النجس معلوم الانتفاء في ظاهر الدليل ، وفي المتنجّس محتمل البقاء ، لكن هذا المقدار لا يوجب الفرق بعد ما تبيّن أنّ العرف هو المحكم في موضوع الاستصحاب.
أرأيت أنّه لو حكم على الحنطة أو العنب بالحلّيّة أو الحرمة أو النجاسة أو الطهارة هل يتأمّل العرف في إجراء تلك الأحكام على الدقيق والزبيب؟ كما لا يتأمّلون في عدم جريان الاستصحاب في استحالة الخشب دخانا أو الماء المتنجّس بولا لمأكول اللّحم ، خصوصا إذا اطّلعوا على زوال النجاسة بالاستحالة ،