فمتى أوجب عليهم الشارع العمل بالاستصحاب في موارد الشكّ في الرافع يجرونه في مثل هذه الموارد ، وكون الشكّ في الحقيقة ناشئا من الشكّ في مدخليّة الوصف الزائل في قوام الموضوع الذي بقاؤه من أجزاء المقتضي غير قادح بعد أن كان أمر الاستصحاب موكولا إلى أهل العرف قد ألقي إليهم دليله ، وهم يعاملون في هذه الموارد معاملة الشكّ في الرافع ، فليتأمّل.
الرابع : العجين المعجون بماء نجس لو خبز لا يطهر على المشهور.
وحكي عن الشيخ في النهاية في باب المياه أنّه قال : فإن استعمل شيء من هذه المياه النجسة في عجين يعجن ويخبز ، لم يكن بأس بأكل ذلك الخبز ، فإنّ النار قد طهّرته (١).
وعنه في باب الأطعمة من الكتاب المذكور ، قال : وإذا نجس الماء بحصول شيء من النجاسات فيه ثمّ عجن به وخبز ، لم يجز أكل ذلك الخبز ، وقد رويت رخصة في جواز أكله ، وذلك إنّ النار قد طهّرته ، والأحوط ما قدّمناه (٢).
واختلف كلامه أيضا في كتابي الاستبصار والتهذيب ـ على ما حكي (٣) عنهما ـ فأفتى في الأوّل بالطهارة ، وفي الثاني بعدمها.
وليس مستنده على الظاهر دعوى الاستحالة حتّى يتوجّه عليه قضاء العرف ببقاء الموضوع وعدم تحقّق الاستحالة الموجبة لارتفاع الحكم ، بل الخبران (٤)
__________________
(١) حكاه عنه صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٧٧٩ ـ ٧٨٠ ، وانظر : النهاية : ٨.
(٢) حكاه عنه صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٧٨٠ ، وانظر : النهاية : ٥٩٠.
(٣) الحاكي هو صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٧٨٠ ، وانظر : الاستبصار ١ : ٣٠ ، ذيل ح ٧٧ ، والتهذيب ١ : ٤١٤ ، ذيل ح ١٣٠٦.
(٤) أي مرسلة ابن أبي عمير ورواية عبد الله بن زبير ، المتقدّمتان في ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨.