المتقدّمان في صدر المبحث ، الدالّان عليه.
وقد عرفت فيما سبق عدم صلاحيّتهما لإثبات الحكم بعد إعراض المشهور عنهما ، مع ما فيهما من ضعف السند ، وورود ثانيهما في ماء البئر ، الذي لا نقول بنجاسته ، واحتمال كون الأوّل أيضا فيه ، مع معارضتهما بغيرهما من الأخبار المعتضدة بالشهرة ، فالقول بالطهارة ضعيف ، مع أنّه من الأقوال الشاذّة التي لا يبعد دعوى الإجماع على خلافه ، والله العالم.
الخامس : قد أشرنا آنفا إلى أنّ عمدة المستند في الحكم بطهارة الخلّ المستحيل إليه الخمر وكذا العصير الذي ذهب ثلثاه هي الأدلّة الخاصّة ، وإلّا لأشكل الحكم بطهارتهما لأجل الاستحالة ، كما تمسّك بها غير واحد ، خصوصا على ما هو المشهور من كون المتنجّسات الخالية من أعيان النجاسة (١) منجّسة ، فإنّ استحالة الخمر أو العصير إلى مائع آخر لا تقتضي طهارة إنائهما المتنجّس بهما ، ونجاسة الإناء مانعة من طهارتهما ، ولعلّه لذا جعل الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ انقلاب الخمر خلا ، وكذا ذهاب ثلثي العصير قسيما للاستحالة عند تعداد المطهّرات.
وكيف كان فيدلّ على طهارة العصير بذهاب ثلثيه : الأخبار الكثيرة الدالّة على حلّيّته بعد ذهاب الثلثين ، فإنّها أخصّ من الطهارة ، وقد تقدّم جملة منها عند التكلّم في إلحاق العصير بعد الغليان بالخمر في الحرمة والنجاسة ، فراجع (٢).
وقد أشرنا في ذلك المبحث إلى عدم التنافي بين القول بعدم سببيّة الغليان
__________________
(١) في «ض ١٠» : «النجاسات».
(٢) ج ٧ ، ص ٢٠٠ وما بعدها.