فما عن الشيخ ـ من القول بطهارة الخمر القليلة الملقاة في خلّ كثير إذا مضى عليها زمان يعلم عادة باستحالتها (١) ـ مشكل ، لخروج مثل الفرض من منصرف الأدلة ، وعدم كونه فرضا متعارفا حتّى يدّعى استفادة حكمه من إطلاق الأمر بالتخليل ، وعدم كون الخصوصيّة المفروضة من الخصوصيّات الغير الملحوظة لدى العرف حتّى لا تكون ندرتها موجبة للانصراف ، فليتأمّل.
ولا فرق بين الخمر وسائر المسكرات المائعة في حلّيّتها وطهارتها عند انقلابها خلّا ، لما عرفت في محلّه من أنّ الحكم بنجاسة سائر المسكرات إنّما هو لاندراجها في موضوع الخمر حقيقة أو حكما على أبعد الاحتمالين ، بل قد عرفت في ذلك المبحث أنّ خمر أهل المدينة ـ التي هي بحسب الظاهر مورد الأخبار غالبا ـ لم تكن متّخذة إلّا من غير العصير الذي قد يقال باختصاص اسم الخمر به ، فلا ينبغي الارتياب فيه ، كما أنّه لا ينبغي الارتياب في طهارة العصير الذي غلى بانقلابه خلّا ، كطهارته بذهاب ثلثيه إذا قلنا بأنّ نجاسته تدور مدار صيرورته مسكرا ، كما قوّيناه في محلّه ، وإلّا أشكل إلحاقه بالخمر في هذا الحكم المخالف للأصل بعد خروجه من موضوعها ، وقصور الأخبار الدالّة على حلّيّة الخمر بالتخليل عن شموله.
لكن يظهر من بعض عدم الخلاف فيه ، بل في الجواهر دعوى الإجماع عليه بقسميه (٢).
وكيف كان فمتى طهر العصير بانقلابه خلّا أو بذهاب ثلثيه يتبعه إناؤه و
__________________
(١) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤٦٨ ، وانظر : النهاية : ٥٩٢ ـ ٥٩٣.
(٢) جواهر الكلام ٦ : ٢٩١.