عدم تعرّض السائلين للسؤال كاشف عن عدم خطور النجاسة في أذهانهم ، لا أنّهم فهموا من الإطلاقات المسوقة لبيان حكم آخر ـ أي : حلّيّة العصير بعد ذهاب ثلثيه ، التي يلزمها الطهارة على تقدير كونه نجسا ـ مثل هذا الحكم التعبّدي الذي لا يدخل في الأذهان إلّا بنصّ صريح على وجه استغنوا بها عن المسألة عنه وعمّا يترتّب عليه من الفروع الخفيّة ، كما لا يخفى.
وجعل بعضهم (١) المدار في طهارة الثياب ونحوها على بقاء ما عليها من العصير حتّى يذهب ثلثاه بالهواء ونحوه ، فتطهر تبعا لما عليها من العصير ، لا للعصير المغليّ في القدر ، فلو مسح ما عليها وأزال عينه قبل أن يذهب ثلثاه ، بقي محلّه متنجّسا ، فلو لاقى العصير بعد ذهاب ثلثيه ، نجّسه ، فعلى هذا لا خصوصيّة للثوب والآلات ، بل حالهما حال سائر الأشياء الملاقية للعصير.
والقول بطهارتها تبعا لما عليها إنّما يتّجه على القول بعدم اعتبار كون ذهاب الثلثين بالنار ، وهو لا يخلو عن تأمّل.
وكيف كان فهاهنا فروع كثيرة متفرّعة على القول بالنجاسة لا يهمّنا التعرّض لها بعد البناء على ضعف المبنى.
تذنيب قال في الجواهر في تحديد ذهاب الثلثين : والمعتبر صدق ذهاب الثلثين من غير فرق بين الوزن والكيل والمساحة وإن كان الأحوط الأوّلين ، بل قيل : الأوّل (٢). انتهى.
أقول : وهو كما قيل ، فإنّ الوزن بمقتضى الاعتبار أخصّ مطلقا من غيره ،
__________________
(١) هو شارح الروضة كما صرّح به الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٨٧.
(٢) جواهر الكلام ٦ : ٢٩٢.