لكن لا يخفى عليك أنّه إنّما يتمّ الاستشهاد بالسيرة ونفي الحرج لإثبات المدّعى بناء على ما هو المشهور من كون المتنجّس منجّسا على الإطلاق ، وإلّا فلا يخلو الاستدلال بهما عن نظر ، فالمتّجه ـ بناء على ما نفينا عنه البعد من عدم السراية ـ هو القول الأخير ، والله العالم.
وهل يعتبر في الاعتماد على ظاهر الحال أو مطلق الاحتمال كون من يحكم بطهارته مكلّفا ، أي عاقلا بالغا ، كما يظهر من بعض ، أم لا؟ وجهان ، أظهر هما : العدم ، لعدم كون البلوغ ملحوظا فيما جرت عليه السيرة ، بل يكفي على الظاهر كونه ممّن من شأنه مراقبة أحواله في التطهّر ونحوه ، وأمّا غير المميّز فليس موردا لهذا الأصل ، فلو لم يجر عليه يد الغير لا يحكم بطهارته إلّا بعد العلم بارتفاع النجاسة السابقة ، وعند جريان يد الغير عليه هو بمنزلة سائر ما يتعلّق بذلك الغير ممّا ستعرف حكمه.
وهل يختصّ مورد الحكم بشخصه وثيابه وما هو بمنزلتها ، أو يعمّ مطلق ما يتعلّق به من أثاث بيته ونحوها؟ فيه تردّد ، لكن لو أخبر بطهارتها يقبل قوله على الأظهر ، لما عرفت عند التكلّم في إخبار ذي اليد بالنجاسة من أنّ الأقوى قبول قول صاحب اليد في مثل هذه الأمور ، والله العالم.
(و) يطهّر التراب أي (الأرض) كما وقع التعبير بها في النافع (١) ، فإنّ المطهّر هي الأرض التي وقع التعبير بها في أكثر الفتاوى ومعقد الإجماع المحكيّ عن غير واحد ، كما في الجواهر (٢).
__________________
(١) المختصر النافع : ٢٠.
(٢) جواهر الكلام ٦ : ٣٠٣.