العنواني ـ كالماء الجاري المعتصم بمادّته ، بلا خلاف فيه في الجملة ، كما تشهد له النصوص الآتية ـ نبّه عليه في المقام لأدنى مناسبة (و) قال : (ماء الغيث لا ينجس في حال وقوعه).
أقول : بل يطهّر كلّ ما يصيبه على تقدير قابليّة المحلّ ، كما تقدّمت الإشارة إليه عند التعرّض لكيفيّة تطهير الثوب ونحوه.
وتشهد له مرسلة الكاهلي عن رجل عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : أمرّ في الطريق فيسيل عليّ الميزاب في أوقات أعلم أنّ الناس يتوضّؤون ، قال : قال : «لا بأس ، لا تسأل عنه» قلت : ويسيل عليّ من ماء المطر أرى فيه التغيّر وأرى فيه آثار القذر فتقطر القطرات عليّ وينتضح عليّ منه والبيت يتوضّأ على سطحه فيكف (١) على ثيابنا ، قال : «ما بذا بأس ، لا تغسله ، كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر» (٢).
والمراد من التغيّر بحسب الظاهر هو التغيّر الناشئ من جريان الماء على الأرض المشتملة على القذر ، لا تغيّره بخصوص لون القذر أو طعمه أو ريحه المانع من قبوله للتطهير نصّا وإجماعا ، إذ ليس القذر مسبوقا بالذكر في السؤال ، فقوله : «وأرى فيه آثار القذر» من قبيل عطف الخاصّ على العامّ أريد بها العلائم الكاشفة عن ملاقاة النجس ، فالمقصود بالفقرتين على الظاهر هو السؤال عن الماء الذي استكشف بالأمارات كونه بعينه هو الماء الملاقي للنجس ، ولو فرض
__________________
(١) وكيف البيت : تقاطر. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٥ : ٢٢٠ «وكف».
(٢) الكافي ٣ : ١٣ / ٣ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب الماء المطلق ، ح ٥ وفيه ذيله ، وصدره في ح ٣ من الباب ١٣ من أبواب الماء المضاف والمستعمل.