ويعتبر في جواز استعمال الجلود وكذا في إباحة أكل اللحوم إحراز التذكية بالعلم أو بأمارة معتبرة شرعا ، كالبيّنة وإخبار ذي اليد ويد المسلم وسوقه ، وإلّا فيحكم بنجاستها وحرمة الانتفاع بها ، لأصالة عدم التذكية.
ولا يعارضها أصالة عدم الموت حتف الأنف كما توهّم ، إذ لا يثبت بأصالة عدم الموت حتف الأنف كونه مذكّى حتّى تتحقّق المعارضة ، فإنّ نفي أحد الضدّين بالأصل لا يثبت الضدّ الآخر ، كما تقرّر في محلّه.
هذا ، مع أنّه لا مضادّة بين الأمرين ، لأنّ حرمة لحم الحيوان ونجاسته من آثار زهاق روحه بغير الوجه الذي اعتبره الشارع سببا للحلّيّة والطهارة ، سواء مات حتف أنفه أو قتل بغير ذلك الوجه.
وإن أريد بأصالة عدم الموت أصالة عدم زهاق روحه بغير ذلك الوجه ، فلا يتحقّق موضوع النجاسة والحرمة ، ففيه : أنّ عدم الموت بهذا المعنى ليس موافقا للأصل ، لأنّ وقوع زهاق الروح بذلك الوجه يحتاج إلى أسباب وجوديّة ، مثل : ذكر اسم الله عليه ، واستقبال القبلة ، وفري الأوداج ، فمتى شكّ في تحقّق شيء من تلك الأسباب ، ينفي ذلك الشيء بالأصل ، فيحرز بذلك موضوع الحرمة والنجاسة ، لأنّ الميتة ـ التي هي موضوع الحكمين في عرف الشارع والمتشرّعة ـ عبارة عمّا زهق روحه لا بشرائط التذكية ، لا خصوص ما مات حتف أنفه ، كما يشهد لذلك ـ مضافا إلى وضوحه ـ تعليق حلّيّة الأكل ـ في ظواهر الكتاب والسنّة ـ على كونه مذكّى ، وتعليق طهارة الجلود في مكاتبة الصيقل على كونها ذكيّة ، قال : كتب إلى الرضا عليهالسلام إنّي أعمل أغماد السيوف عن جلود الحمر الميتة فتصيب