يقطع ريحه (١) ، من غير إشعار في كلامهم بكونه حكما خاصّا تعبّديّا مستثنى ممّا بنوا عليه من وجوب تجنيب المساجد النجاسات ، كما هو واضح.
نعم ، لا فرق بحسب الظاهر بين أرض المسجد وحائطه من داخل المسجد وما يتعلّق به من الفرش والبواري ونحوها من توابع المسجد وأجزائه ، فإنّ المتبادر من وجوب تجنيب المساجد النجاسة ـ كما في النبويّ (٢) ، وفي فتاوى الأصحاب ومعاقد إجماعاتهم ـ ما يعمّها.
وفي وجوب تطهير الحائط من الخارج تردّد ، لإمكان دعوى انصراف الأدلّة عنه ، والله العالم.
ثمّ إنّ وجوب إزالة النجاسة عن المسجد على الفور بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن المدارك والذخيرة (٣) نسبته إلى الأصحاب ، فإنّ المستفاد من الفتاوى ومعاقد الإجماعات المحكيّة على وجوب تجنيب المساجد النجاسة إنّما هو وجوب حفظ المسجد عن النجاسة ، وحرمة إحداث النجاسة أو إبقائها فيه ، كما أنّ المنساق إلى الذهن من الأمر بالتجنيب في النبويّ (٤) ليس إلّا هذا المعنى ، لا مجرّد تبعيدها عن المسجد في زمان من الأزمنة المستقبلة ، وقد عرفت آنفا أنّ خبر عليّ بن جعفر أيضا يدلّ على مطلوبيّتها على الفور ، فلا إشكال فيه ، كما أنّه
__________________
(١) حكاه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٤٤ ، عن الشيخ الطوسي في النهاية : ١١١ ، والمبسوط ١ : ١٦٢ ، والعلّامة الحلّي في تحرير الأحكام ١ : ٥٤ ، وقواعد الأحكام ١ : ٢٩ ، والشهيد في الذكرى ٣ : ١٣١ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٢) تقدّم النبوي مع الإشارة إلى مصدره في ص ٤٨ ، الهامش (١).
(٣) الحاكي عنهما هو العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٥٧ ، وانظر : مدارك الأحكام ٢ : ٣٠٦ ، وذخيرة المعاد : ١٥٧.
(٤) تقدّم النبوي مع الإشارة إلى مصدره في ص ٤٨ ، الهامش (١).