لا إشكال في كون وجوبها كفائيّا بالنسبة إلى من استجمع شرائط هذا التكليف ، إذ الخطاب به غير مخصوص ببعض دون بعض.
وعن ظاهر الذكرى وجوبه على من أدخله (١).
وفيه : أنّه قد لا يكون إدخاله من فعل مكلّف ، أو يكون من فعل مكلّف يخلّ بإزالته تقصيرا أو قصورا ، مع أنّه لا تأمّل بل لا خلاف في وجوب إزالته على سائر الناس في شيء من الفروض.
ولعلّه أراد بوجوبه عينا على من أدخله ما لا ينافي ذلك ، فزعم كونه كإنفاق الولد الفقير واجبا عينيّا على والده ، وكفائيّا على عامّة الناس.
وقد يشكل ذلك بأنّ وجوبه على من أدخله إنّما استفيد من أدلّة وجوب التجنيب الشامل لجميع المكلّفين ، فكيف يمكن استفادة الوجوب العيني على بعض والكفائي على آخرين من دليل واحد!؟
ويمكن توجيهه فيما لو كان من أدخله متعمّدا في فعله آثما به بدعوى أنّه يستفاد عرفا ممّا دلّ على وجوب التجنيب حرمة التنجيس ، أعني جعل المسجد متنجّسا أعمّ من إحداثه وإبقائه ، فيجب عليه عينا رفعه تخلّصا عن التنجيس المحرّم ، كما أنّه يجب عليه وعلى غيره من المكلّفين إزالته كفاية ، للأمر بالتجنيب الشامل للجميع ، فليتأمّل.
تنبيه : الحق جملة من الأصحاب ـ كالشهيدين والمحقّق الثاني وغيرهم على ما حكي (٢) عنهم ـ بالمساجد في وجوب إزالة النجاسة عنها المصاحف و
__________________
(١) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٣٠٦ ، وانظر : الذكرى ٣ : ١٢٩.
(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٦ : ٩٨ ، وانظر : البيان : ٤٠ ، والدروس ١ : ١٢٤ ، والذكرى ١ : ١٢٣ ، ومسالك الافهام ١ : ١٢٤ ، وجامع المقاصد ١ : ١٦٩.