خصوصا مثل الصدوق ونظرائه الذين من عادتهم التعبير بمتون الروايات ، وكفى بذلك دليلا لتعيّن المراد بالدرهم من أخبار الباب.
ولا ينبغي الالتفات إلى ما في المدارك من الاستشكال في أصل التقييد حيث قال : إنّ البغليّ ترك في زمن عبد الملك ، وهو متقدّم على زمن الصادق عليهالسلام قطعا ، فيشكل حمل النصوص الواردة منه عليه ، والمسألة قويّة الإشكال (١). انتهى.
لا لمجرّد ما قد يقال من صدور جلّ أخبار الباب من أبي جعفر عليهالسلام وهو في زمن عبد الملك ، مع أنّ ترك استعماله في المعاملات في عصر الصادق عليهالسلام لا ينافي بقاءه فيما بأيديهم في الجملة ، ومعروفيّة التحديد به.
بل لأنّ اشتهار تفسير الدرهم بالوافي أو البغليّ من الصدر الأوّل ووقوعه في الفقه الرضوي كاشف قطعيّ عن المراد ، إذ كيف يعقل أن يصدر منهم هذا التفسير من غير أن يرشدهم إليه قرينة معينة!؟ فهل يظنّ بأحد من العلماء أن يستند في مثل المقام إلى الحدس والاجتهاد القابل للخطإ فضلا عن أن ينعقد إجماعهم عليه؟ مع أنّ من المعلوم عند كلّ أحد وجوب حمل المطلق على معناه المتعارف ، فلو لم يكن هذا الدرهم متعارفا في زمان صدور الأخبار لم يكن عدول العلماء عن حمل الدرهم على المتعارف في ذلك الزمان إلّا لدليل.
ثمّ إنّ المراد بمقدار الدرهم ـ على الظاهر ـ سعته ، لا وزنه ولا حجمه ، لأنّ هذا هو المتبادر من تقدير الدم بالدرهم في مثل مورد الروايات ، كتحديده بمقدار إصبع أو إصبعين ، كما يشهد بذلك ويؤيّده فهم الأصحاب.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٣١٥.