وما قيل في تضعيفه من أنّ ما ذكر لو لم يكن منشأ لانصراف أخبار العفو فلا أقلّ من كونه موجبا للشكّ في الشمول ، فيبقى ما دلّ على الإزالة لا معارض له ، ففيه : أنّ الشكّ في الشمول لا يمنع من التمسّك بأصالة الإطلاق ، بل يحقّق موضوعها ، فلا يعارضها عموم ما دلّ على الإزالة ، لأنّ أصالة الإطلاق في المخصّص حاكمة على أصالة العموم في العامّ ، كما هو واضح.
والذي يقتضيه التحقيق عدم العفو عن دم النفاس ، لما عرفت في محلّه من كونه كدم الحيض حكما بل موضوعا. وأمّا دم الاستحاضة فإن لم يتحقّق فيه إجماع فلا يخلو إلحاقه بهما عن تردّد ، والله العالم.
وحكي عن بعض القدماء وغير واحد من المتأخّرين إلحاق دم الكلب والخنزير بل مطلق نجس العين أعمّ منهما ومن الكافر ـ كما هو صريح عبارة المتأخّرين ـ بدم الحيض.
قال المصنّف في محكيّ المعتبر ـ بعد عبارته المتقدّمة (١) في توجيه ما نسبه إلى الشيخ ـ : وألحق بعض فقهاء قم دم الكلب والخنزير ، ولم يعطنا العلّة ، ولعلّه نظر إلى ملاقاته جسدهما ، ونجاسة جسد هما غير معفوّ عنها (٢). انتهى.
واشتهر حكاية هذا القول عن القطب الراوندي.
قال الحلّي في السرائر : وقد ذكر بعض أصحابنا المتأخّرين من الأعاجم ـ وهو الراوندي المكنّى بالقطب ـ أنّ دم الكلب والخنزير لا تجوز الصلاة في قليله وكثيره مثل دم الحيض ، قال : لأنّه دم نجس العين. وهذا خطأ عظيم وزلل فاحش ،
__________________
(١) في ص ٨٨.
(٢) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٣٢٦ ، وانظر : المعتبر ١ : ٤٢٩.