هذه المامة مختصرة بتاريخ فدك المضطرب الذي لا يستقيم على خط ولا يجمع على قاعدة ، وانّما حاكت اكثره الأهواء ، وصاغته الشهوات على ما اقتضته المطامع والسياسات الوقتية ، وعلى هذا فلم يخل هذا التاريخ من اعتدال واستقامة في أحايين مختلفة ، وظروف متباعدة حيث توكل فدك إلى أهلها واصحابها الاولين ويلاحظ ان مشكلة فدك كانت قد حازت أهمية كبرى بنظر المجتمع الإسلامي وأسياده ، ولذا ترى حلها يختلف باختلاف سياسة الدولة ، ويرتبط باتجاه الخليفة العام نحو أهل البيت مباشرة فهو إذا استقام اتجاهه ، واعتدل رأيه ، رد فدكاً على الفاطميين ، واذا لم يكن كذلك وقع انتزاع فدك في أوّل القائمة من أعمال ذلك الخليفة.
ويدلنا على مدى ما بلغته فدك من القيمة المعنويّة في النظر الإسلامي قصيدة دعبل الخزاعي التي انشأها حينما رد المأمون فدكاً ومطلعها : ـ
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
|
برد مأمون هاشم فدكا |
وقد بقيت كلمة بسيطة وهي ان فدكاً لم تكن أرضاً صغيرة أو مزرعا متواضعاً كما يظن البعض ، بل الأمر الذي أطمئن إليه انّها كانت تدر على صاحبها أموالا طائلة تشكل ثروة مهمة وليس علي بعد هذا أن أحدد الحاصل السنوي منها وان ورد في بعض طرقنا الإرتفاع به إلى أعداد عالية جداً.
ويدل على مقدار القيمة الماديّة لفدك أمور ـ :
( الأول ) : ما سيأتي من انّ عمر منع أبا بكر من ترك فدك للزهراء لضعف المالية العامّة مع احتياجها إلى التقوية لما يتهدد الموقف من حروب الردة وثورات العصاة.