أنّه بعد أن جعل مسألة فدك من الأحاديث التي لا تنتهي إلى مقطع للقول متفق عليه رأى انّ فيها حقيقتين لا مراء فيهما ولا جدال ( أحداهما ) انّ الصديقة أرفع من ان تنالها تهمة بكذب والأخرى انّ الصديق أجل من ان يسلبها حقّها الذي تثبته البيّنة. فإذا لم يكن في صحة موقف الخليفة واتفاقه مع القانون جدال ففيم الجدال الذي لا قرار له ولم لا تنتهي مسألة فدك إلى مقطع للقول متفق عليه.
وأنا أفهم انّ للكاتب الحرية في ان يسجل رأيه في الموضوع أي موضوع كما يشاء وكما يشاء له تفكيره بعد أن يرسم للقارئ مدارك ذلك الرأي وبعد أن يدخل تقديرات المسألة كلّها في الحساب ليخرج منها بتقدير معين ولكني لا أفهم ان يقول انّ المسألة موضوع لبحث الباحثين ثم لا يأتي إلا برأي مجرد عن المدارك يحتاج إلى كثير من الشرح والتوضيح وإلى كثير من البحث والنظر فإذا كانت الزهراء أرفع من كل تهمة فما حاجتها إلى البيّنة ؟ وهل تمنع التشريعات القضائية في الإسلام عن ان يحكم العالم استناداً إلى علمه ؟ واذا كانت تمنع عن ذلك فهل معنى هذا ان يجوز في عرف الدين سلب الشيء من المالك ؟ هذه أسئلة ومعها أسئلة أخرى أيضاً في المسألة تتطلب جواباً علمياً ، وبحثاً على ضوء أساليب الإستنباط في الإسلام.
واريد ان أكون حراً واذن فاني استميح الأستاذ ان الاحظ ان تزكية موقف الخليفة والصديقة معاً أمر غير ممكن ، لأنّ الأمر في منازعتهما لو كان مقتصراً على مطالبة الزهراء بفدك وامتناع الخليفة عن تسليمها له لعدم وجود مستمسك شرعي يحكم بواسطته لها بما تدعيه وانتهاء المطالبة إلى هذا الحد لوسعنا ان نقول انّ الزهراء طلبت حقّها في نفس الأمر والواقع ، وانّ الخليفة لما امتنع عن تسليمه لها لعدم تهيؤ