اذا عرفنا ان مرتكزات الناس ليست وحياً من السماء لا تقبل شكاً ولا جدالاً ، وأن درس مسائل السالفين ليس كفراً ولا زندقة ولا تشكيكاً في أعلام النبوّة كما كانوا يقولون ، فلنا ان نتساءل عمّا بعث الصديقة إلى البدء بمنازعتها حول فدك على ذلك الوجه العنيف الذي لم يعرف أو لم يشأ ان يعرف هيبة للسلطة المهيمنة أو جلالاً للقوة المتصرفة يعصم الحاكمين من لهيبها المتصاعد ، وشررها المتطاير ، وبقي الحكم من اشعاعة نور متألقة تلقي ضوءاً عليه ، فتظهر للتاريخ حقيقته مجردة عن كل ستار بل كانت بداية المنازعة ومراحلها نذير ثورة مكتسحة أو ثورة بالفعل عندما اكتملت في شكلها الأخير ، ويومها الأخير ، تحمل كل ما لهذا المفهوم من مقدمات ونتائج ، ولا تتعرض لضعف أو تردد.
وما عساه ان يكون هدف السلطة الحاكمة ، أو بالاحرى هدف الخليفة رضياللهعنه نفسه في ان يقف مع الحوراء على طرفي الخط أو لم يكن يخطر بباله ان خطته هذه تفتح له باباً في التاريخ في تعداد أولياته ثم يذكر بينها خصومة أهل البيت ، فهل كان راضياً بأوليته هذه مخلصاً لها حتى يستبسل في امتناعه وموقفه السلبي بل الإيجابي المعاكس أو انّه كان منقاداً للقانون ، وملتزماً بحرفيته في موقفه هذا كما يقولون ، فلم يشأ ان يتعد حدود الله تبارك وتعالى في كثير أو قليل وان لموقفه الغريب تجاه الزهراء صلة بموقفه في السقيفة ، واعني بهذه الصلة الاتحاد في الغرض أو اجتماع الغرضين على نقطة واحدة ، وبالاحرى ان تقوم على دائرة واحدة متسعة اتساع دولة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها آمال بواسم ، وموجات من الاحلام ضحك لها الخليفة كثيراً وسعى في سبيلها كثيراً أيضاً.
اننا ندرك بوضوح ، ونحن نلاحظ الظرف التاريخي الذي حف بالحركة الفاطمية ان البيت الهاشمي المفجوع بعميده الأكبر قد توفرت له